كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 191 """"""
خزائن السلاح والأموال ، فسار يريد الشام في عساكر لم تخرج المغاربة من مصر بمثلها ، وتواترت الأخبار إلى هفتكين بمسيره ، وهو على عكا وكان قد ملك صيدا ، فنزل عكا وسار فنزل طبرية ، وفارق القرامطة الرملة ونزلها جوهر ، وسار إسحاق وكسرى القرمطيان إلى الأحساء ، وبقي جعفر لم يسر معهم وانضم إلى هفتكين بطبرية ، وسار جوهر في طلبهما فسارا إلى دمشق وتبعهما جوهر حتى نزل بالشماسية بظاهر دمشق ، والمناوشة تقع بينهم تارة والموادعة أخرى ، فلم يزل الأمر كذلك إلى جمادي الأولى سنة ست وستين وثلاثمائة ، فوردت الأخبار وقويت بقرب الحسن بن أحمد القرمطي من دمشق ، وجاء من بشر ابن عمه جعفر بذلك ، فسار إليه وصح ذلك عند جوهر ، فنزل دمشق وسار نحو طبرية وجد في السير ، وكان قد هلك من عسكره خلق كثير ، فخاف أن يدركه الحسن بن أحمد القرمطي فأسرع المسير من طبرية ، وخرج الحسن ابن أحمد من البرية يريد طبرية فوجده قد سار عنها ، فأنفذ خلفه سرية فلحقته فرجع إليها أصحاب جوهر ، فقتلوا جماعة من العرب وسار جوهر حتى نزل ظاهر الرملة ، وأتاه الخبر عن الحسن فدخل جوهر زيتون الرمل وتحصن به ، وسار هفتكين من دمشق في أثر الحسن ابن أحمد فلحقه ، وتوفى الحسن بن أحمد بالرملة ، وتولى أمر القرمطة بعده ابن عمه جعفر ، واجتمع هو وهفتكين على قتال جوهر ، فقاتلوه بقية سنة ست وستين وثلاثمائة ، ثم رجع جعفر إلى بلده ، وكان بين هفتكين وجوهر من الحصار ما نذكره إن شاء الله تعالى في أخبار ملوك مصر .
ذكر استيلاء القرامطة على الكوفة وخروجهم عنها
قال ابن الأثير رحمه الله تعالى : وفي سنة خمس وسبعين وثلاثمائة ورد إسحاق وجعفر الهجريان - وهما من القرامطة الذين تلقبوا بالسادة - فملكا الكوفة ، قال : وكان للقرامطة من الهيبة ما إن عضد الدولة وبختيار أقطعاهم الكثير من الإقطاعات ، وكان نائبهم ببغداد وهو أبو بكر بن شاهوية يحكم حكم الوزراء ، فقبض عليه صمصام الدولة بن بويه ، فلما جاء القرامطة إلى الكوفة كتب صمصام الدولة إلى إسحاق وجعفر بالملاطفة ويٍسألهما عن سبب حركتهما ، فذكرا أن السبب في ذلك ما وقع منه من القبض على صاحبهما ، وبثا أصحابهما في جباية الأموال ، ووصل الحسن بن المنذر - وهو من أكابر القرامطة - إلى الجامعين ، فأرسل صمصام الدولة العساكر

الصفحة 191