كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 194 """"""
قال : وكان قتل بندار في سنة ثلاث وخمسين ومائتين ، ثم لقي مساور عسكراً للخليفة ، ومقدمهم خطرمش بناحية جلولاء في ذي الحجة من السنة ، فهرمهم مساور واستولى على بلاد الموصل فقوى أمره وكثرت اتباعه . فجمع له الحسن بن أيوب بن أحمد بن عمر بن الخطاب التغلى - وكان خليفة أبيه على الموصل - عسكراً كثيراً منهم حمدان بن حمدون جد الأمراء الحمدانية وغيره ، وسار إليه وعبر إليه نهر الزاب ، فتأخر مساور عن موضعه ونزل بموضع يقال له وادي الذئاب ، وهو واد عميق ، فسار الحسن في طلبه فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً ، فانهزم عسكر الموصل وكثر القتل فيهم ، وسقط كثير منهم في الوادي فهلك فيه أكثر من القتلى ، وذلك في جمادي الأولى سنة أربع وخمسين ومائتين ، ونجا الحسن فوصل إلى حرة من أعمال إربل ، وهرب محمد بن علي بن السيد ، فظن الخوارج أنه الحسن فتبعوه فقتلوه ، وكان فارساً شجاعاً ، واشتد أمر مساور وعظم شأنه وخافه الناس .
ذكر استيلاء مساور إلى الموصل وخروجه منها
قال : ولما انهزم عسكر الموصل من مساور قوى أمره وكثرت أتباعه ، فسار من موضعه وقصد الموصل فنزل بظاهرها عند الدير الأعلى ، فاستتر أمير البلد عبد الله بن سليمان لضعفه عن مقاتلته ولم يدافعه أهل الموصل ، فوجه مساور جمعاً إلى دار عبد الله أمير البلد فأحرقها ، ودخل الموصل بغير حرب فلم يتعرض لأحد ، وحضرت الجمعة فدخل المسجد الجامع ، وحضر الناس فصعد مساور المنبر ، وجعل على درج المنبر من أصحابه من يحرسه بالسيوف وكذلك في الصلاة ، ولما خطب قال في خطبته : اللهم أصلحنا وأصلح ولاتنا ولما دخل في الصلاة جعل إبهاميه في أذنيه وكبر ست تكبيرات ثم قرأ بعد ذلك .

الصفحة 194