كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 197 """"""
ويرقع ثيابه ، وكان كثير العبادة والنسك ويجلس إلى الأرض ليس بينه وبينها حائل ، فلما نزل واسط خرج إليه وجوه أهل الموصل ، وكان هارون بمعلثايا يجمع لحرب محمد ، فلما سمع بنزول محمد عند الموصل سار إليه ، ورحل ابن خرزاد نحوه ، فالتقوا بالقرب من قرية شمرخ واقتتلوا قتالاً شديداً ، كان فيه مبارزة وحملات كثيرة ، فانهزم هارون وقتل من أصحابه نحو مائتي رجل ، منهم جماعة من الفرسان المشهورين ، ومضى هارون منهزماً فعبر دجلة إلى العرب قاصداً بني تغلب فنصروه واجتمعوا إليه ، ورجع محمد بن خرزاد من حيث أقبل وعاد هارون إلى الحديثة فاجتمع إليه خلق كثير ، فكاتب أصحاب ابن خرزاد واستمالهم ، فأتاه منهم خلق كثير ، ولم يبق مع ابن خرزاد إلا عشيرته من الشمردلية ، وهم أهل شهرزور كثير الأعداء من الأكراد وغيرهم ، وكان هارون ببلد الموصل قد صلح حاله وحال أصحابه ، فمال إليه أصحاب ابن خرزاد وقصدوه لهذا السبب ، وأوقع ابن خرزاد بالأكراد الجلالية بنواحي شهرزور وغيرهم ، فقتل وتفرد هارون بالأمر وقوى ، وكثر أتباعه وغلبوا على القرى والرساتيق ، وجعلوا على دجلة من يأخذ الزكاة من الأموال المنحدرة والمصعدة ، وبثوا نوابهم في الرساتيق يأخذون الأعشار من الغلات .
وفي سنة اثنتين وسبعين ومائتين دخل هارون الموصل ، وصلى الجمعة بالناس وكان معه حمدان بن حمدون .
ذكر خروج محمد بن عبادة على هارون وكلاهما خارجي
وفي سنة ثمان وسبعين ومائتين خرج محمد بن عبادة ويعرف بأبي جورة ، وهو من بني زهير على هارون ، وكان محمد هذا في أول أمره من الفقراء الصعاليك ، وكان هو وأبناؤه يلتقطون الكمأة ويبيعونها إلى غير ذلك من الأعمال ، ثم إنه جمع جماعة وحكم ، فاجتمع إليه أهل تلك النواحي والأعراب وقوي أمرهن وأخذ عشر غلات وقبض الزكاة ، وسار إلى معلثايا فقاطعه أهلها على خمسمائة دينار ، وجبي تلك الأعمال وبنى عند سنجار حصناً ، وحمل إليه الميرة والأمتعة ، وجعل فيه ابنه أبا هلال

الصفحة 197