كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 198 """"""
ومعه مائة وخمسون رجلاً من وجوه بني زهير وغيرهم ، ووصل الخبر إلى هارون فاجتمع رأيه ورأي وجوه أصحابه على قصد الحصن أولا ، فإذا قرغوا منه ساروا إلى محمد بن عبادة ، فجمع أصحابه به فبلغوا ألف فارس ومائتي فارس ومائة راجع ، فأحدق بالحصن وحصره ، ومحمد بن عبادة في قبرثا لم يعلم بذلك ، وجد هارون في تلك أهل الحصن ، ونصب عليهم السلاليم وملكه ، فلما رأى من معه من بني تغلب تغلبه على الحصن أعطوا من فيه من بني زهير الأمان ، بغير أمر هارون فشق ذلك عليه ، ألا أنه قتل أبا هلال بن محمد ونفرا معه قبل الأمان ، ثم ساروا إلى محمد فوافوه وهو في أربعة آلاف رجل ، فاقتتلوا فانهزم هارون ومن معه ، ووقف بعض أصحابه ونادى رجالاً بأسمائهم فاجتمعوا نحو أربعين رجلاً ، وحملوا على ميمنة محمد فانهزمت ، وعادت الحرب فانهزم محمد وأصحابه ، ووضعوا فيهم السيف فقتل منهم ألفان وأربعمائة رجل وحجز بينهم الليل وجمع هارون مالهم فقسمه بين أصحابه ، وانهزم محمد إلى آمد فأخذه صاحبها أحمد بن عيسى بن الشيخ بعد حرب وأسره ، وحمله إلى المعتضد بالله فسلخ جلده كالشاة .
ذكر انهزام هارون من عسكر الموصل
كان المعتضد بالله قد سار إلى ماردين في سنة إحدى وسبعين ، وخلف بالموصل نصر القشوري يجبي الأموال ويعين العمال على جبايتهم فخرج عالم معلثايا إليها ومعه جماعة من أصحاب نصر ، فوقع عليهم طائفة من الخوارج فاقتتلوا إلى أن أدركهم الليل ففرق بينهم ، وقتل من الخوارج إنسان اسمه جعفر ، وهو من أعيان أصحاب هارون ، فعظم عليه ذلك وأمر أصحابه أن يفسدوا في البلاد ، فكتب نصر القشوري إلى هارون يتهدده بقرب الخليفة ، وأنه إن هم به أهلكه وأصحابه ، فلا يغتر بمن سار إلى حربه فعاد عنده بمكره وخديعته ، فأجابه هارون بجواب غليظ ، ومن جملته وإنا وإياك كما قيل :
فلا توعدونا باللقاء وأبرزوا . . . إلينا سوادا نقله بسواد
فبعث نصر جواب هارون إلى المعتضد بالله فجد في قصده ، وولى الحسن بن علي كورة الموصل وأمره بقصد الخوارج ، وأمر كافة مقدمي الولايات والأعمال بطاعته ، فجمعهم وسار إلى أعمال الموصل وخندق على نفسه ، وأقام إلى أن رفع الناس غلاتهم ، ثم سار إلى الخوارج وعبر نهر الزاب إليهم ، فالتقوا واقتتلوا قتالاً

الصفحة 198