كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 204 """"""
على جرجان بارس التركي الكبير ، وألزمه إحضار محمد بن هارون ، فكاتبه بارس وضمن له إصلاح أمره ، فقصد بخاري فلما بلغها قيد وحمل على جمل ، وحبس فمات بعد شهرين محبوساً ؛ وكان ابتداء أمر محمد بن هارون أنه كان خياطاً ، ثم جمع جمعاً من أهل الفساد وقطع الطريق في مفازة سرخس مدة ثم استأمن إلى رافع بن هرثمة وبقي معه إلى أن انهوم من عمرو الصفار فاستأمن إلى إسماعيل الساماني فسيره إسماعيل لقتال العلوي كما قدمناه ثم خرج عليه كما ذكرنا .
وفي سنة إحدى وتسعين ومائتين خرجت الترك في خلق كثير لا يحصون كثرة ، وكان عسكرهم سبعمائة قبة تركية ، ولا تكون القبة التركية إلا لرؤساتهم ، فوجه إليهم إسماعيل جيشاً عظيماً وتبعهم خلق من المطوعة فوصلوا إلى الترك وهم غادون ، فكسبهم المسلمون في الصبح فقتلوا منهم خلقاً كثيراً وانهزم الباقون لأقبح هزيمة .
ذكر وفاة إسماعيل وولاية ابنه أحمد
كانت وفاته في منتصف صفر سنة خمس وتسعين ومائتين ، ولقب بعد موته بالماضي ، وكان رحمة الله تعالى عاقلاً عادلاً حسن السيرة في رعيته حليماً . حكى عنه أنه كان لولده أحمد مؤدب يؤدبه ، فمر به الأمير إسماعيل فسمع المؤدب يسبه ، ويقول : لا بارك الله فيك ولا فيمن ولدك ، فدخل عليه وقال : يا هذا نحن لم نذنب ذنباً فتسبنا ، فهل ترى أن تعفينا من سبك ، وتخص المذنب بذمك وشتمك ؟ فارتاع المؤدب وخرج إسماعيل عنه ، وأمر له بصلة جزاء لخوفه منه . وجرى بين يديه ذكر الأنساب والأحساب فقال لبعض جلسائه : كن عصامياً ولا تكن عظامياً . ومن مكارمه وآدابه أنه ولى بعد أخيه نصر واستقل بالأمر استمر يكاتب أصحابه وأصدقاءه بما كان يكاتبهم به أولاً ، فقيل له في ذلك فقال : يجب علينا إذا زادنا الله رفعة إلا ننقص إخواننا ، بل نزيدهم رفعة وعلاء وجاهاً ليزيدوا لنا خلوصاً وشكراً ؛ وكانت مدة ولايته منذ أفضى الأمر إليه بعد وفاة أخيه ست عشرة سنة .
ولما مات ولى بعده ابنه :
أبو نصر أحمد بن إسماعيل
قال : ولما استوثق له الأمر ببخاري قصد بالخروج إلى الري فأشار عليه إبراهيم بن زيدوية بقصد سمرقند ، والقبض على عمه إسحاق بن أحمد لئلا يخرج عليه ، فاستدعى عنه إلى بخاري فحضر إليه واعتقله بها ، ولم يزل سنة ثمان

الصفحة 204