كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 21 """"""
ثم رجع إلى المدينة ، وقيل أتى البصرة ، وأرسل صاحبا له يشتري له طعاماً فاشتراه ، وجاء به على حمال أسود ، فأدخله الدار التي سكنها وخرج ، فلم يكن بأسرع من أن كبست الدار ، وأخذ موسى وابنه عبد الله وغلامه فحملوا إلى محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ، فلما رأى موسى قال : لأقرب الله قرابتكم ، ولا حيا وجوهكم ، تركت البلاد كلها إلا بلداً أنا فيه فإن وصلت أرحامكم أغضبت أمير المؤمنين ، وإن أطعته قطعت أرحامكم ، ثم أرسلهم إلى المنصور ، فأمر بضرب موسى وابنه كل واحد خمسمائة سوط فلم يتأوها ، فقال المنصور : عذرت أهل الباطل في صبرهم ، فما هؤلاء فقال موسى : أهل الحق أولى بالصبر ، ثم أخرجهم وأمر بهم فسجنوا .
ذكر مسير عيسى بن موسى لقتال محمد بن عبد الله بن حسن وقتل محمد
قال : ثم إن المنصور أحضر ابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس ، وأمره بالمسير إلى المدينة لقتال محمد ابن عبد الله بن حسن ، فقال : شاور عمومتك يا أمير المؤمنين ، قال : فأين قول ابن هرمة :
نزورأمرأ لا يمخض القوم سره . . . ولا ينتجني الأدنين فيما يحاول
إذا ما أتى شيئاً مضى كالذي أتى . . . وإن قال إني فاعل فهو فاعل
فقال المنصور : أمض أيها الرجل - فوالله ما يراد غيري وغيرك ، وما هو إلا أن تشخص أنت أو أشخص أنا ، فسار وسير معه الجنود ، وكان عيسى ولي عهد المنصور إذ ذاك ؛ فقال المنصور حين سار عيسى : لا أبالي أيهما قتل صاحبه ؛ وبعث معه محمد بن أبي العباس السفاح ، وكثير بن حصين العبدي ، وحميد بن قحبطة ، وهزار مرد وغيرهم ، وقال له المنصور حين ودعه : يا عيسى ، إني أبعثك إلى ما بين هذين ، وأشار إلى ما بين جنبيه ، فإن ظفرت بالرجل فاغمد سيفك ، وابذل الأمان ، وإن تغيب فضمنهم إياه فإنهم يعرفون مذاهبه ، ومن لقيك من آل أبي طالب ، فاكتب إلي باسمه ،

الصفحة 21