كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 211 """"""
وجعله من قواده ، وبلغ السعيد هذا الخبر فسار من نيسابور إلى بخارى ، فوكل يحيى بالنهر أبا بكر الخباز ليمنع السعيد من عبوره ، فظفر السعيد به وأخذه أسيراً ، وعبر النهر إلى بخارى وبالغ في تعذيب الخباز ، ثم أحرقه في التنور الذي كان يخبز فيه ، وسار يحيى من بخارى إلى سمرقند ثم خرج منها ، وبقي يكرر الدخول إلى البلاد والسعيد في طلبه ، واستمرت هذه الفتنة ثائرة إلى سنة عشرين وثلاثمائة ، فأنفذ السعيد الأمان إلى أخيه يحيى فجاء إليه هو وأخوه منصور ، وزالت الفتنة وسكن الشر ، وأما إبراهيم فإنه هرب إلى بغداد ثم إلى الموصل .
ذكر ولاية محمد بن المظفر خراسان
وفي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة استعمل الأمير نصر بن أحمد ، أبا بكر محمد بن المظفر بن محتاج على جيوش خراسان ، ورد إليه تدبير الأمور بنواحيها جميعاً ، وكان سبب تقدم محمد عنده أنه كان يوماً بين يدي السعيد - وهو يحادثه في بعض مهماته - فلسعته عقرب في إحدى رجليه عدة دفعات ، ولم يتحرك ولا ظهر عليه أثر ذلك ، فلما فرغ من حديثه وعاد إلى منزله خفه وقتل العقرب ، فاتصل الخبر بالأمير السعيد فأعجب به ، وقال له : ما عجبت إلا من فراغ بالك لتدبير ما قلته لك فهلا قمت وأزلتها فقال : ما كنت لأقطع حديث الأمير بسبب عقرب ، وإذ لم أصبر بين يديك على لسعة عقرب ، فكيف أصبر - عند البعد منك - على حد سيوف أعداء دولتك ، إذا دفعتهم عن مملكتك ؟ فعظم محله عنده وأعطاه مائتي ألف درهم ، ثم استعمله على خراسان فأقام والياً عليها إلى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة ، فاستقدمه واستعمل ابنه أباً على أحمد بن محمد ، وكان سبب ذلك أن أبا بكر مرض مرضاً شديداً فعزله واستعمل ابنه في شهر رمضان ، فأقام بها ثلاثة أشهر وهو يتجهز ويستعد ، وسار في المحرم سنة ثمان وعشرين إلى جرجان فاستولى عليها وأخذها من ما كان ابن كالي ، لأن ما كان كان قد خلع طاعة السعيد بعد أن حاصرها أبو علي بقية السنة ، واستخلف إبراهيم بن سيمجور الدواتي ، ثم استولى أبو علي على الري في سنة تسع وعشرين ، ثم استولى على بلد الجبل زنكان وأبهر وقزوين وقم وكرج وهمذان ونهاوند والدينور إلى حدود حلوان ، وذلك في سنة ثلاثين ، ورتب فيها العمال وجبى أموالها ، ورحل إلى جرجان في سنة إحدى وثلاثين في جمادى الآخرة ، فأتاه الخبر بوفاة السعيد فسار إلى خراسان .

الصفحة 211