كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 22 """"""
ومن لم يلقك فاقبض ماله ، وكان جعفر الصادق تغيب عنه ، فقبض ماله ، فلما قدم المنصور المدينة قال له جعفر في معنى ماله ، فقال : قبضة مهديكم ، فلما وصل عيسى إلى فيد كتب إلى الناس في خرق الحرير ، منهم عبد العزيز ابن المطلب المخزومي ، وعبيد الله بن محمد بن صفوان الجمحي ، وكتب إلى عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، يأمره بالخروج من المدينة فيمن أطاعه ، فخرج هو وعمر بن محمد ابن عمر ، وأبو عقيل محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل فأتوا عيسى .
قال : ولما بلغ محمداً قرب عيسى من المدينة ، استشار أصحابه في الخروج من المدينة والمقام بها ، فأشار بعضهم بالخروج عنها ، وبعضهم بالمقام بها ، لقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : رأيتني في درع حصينة فأولتها المدينة ، فأقام ثم استشارهم في حفر خندق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فقال له جابر بن أنس - رئيس سليم - يا أمير المؤمنين : نحن أخوالك وجيرانك وفينا السلاح والكراع ، فلا تخندق الخندق ، فإن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) خندقه لما أعلمه الله به ، وإن خندقته لم يحسن القتال رجالة ، ولم توجه لنا الخيل بين الأزقة ، وأن الذين نخندق دونهم هم الذين يحول الخندق دونهم ؛ فقال له أحد بني شجاع : خندق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فاقتد أنت به ، وتريد أن تدع أثر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لرأيك قال : إنه والله - يا ابن شجاع - ما شيء أثقل عليك وعلى أصحابك من لقائهم ، وما شيء أحب إلينا من مناجزتهم ، فقال محمد : إنما اتبعنا في الخندق أثر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فلا يردني أحد عنه فلست بتاركهن فأمر به فحفر ، وبدأ هو فحفر بنفسه الخندق ، الذي حفره رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) للأحزاب ، وسار عيسى حتى نزل الأعوص ، وكان محمد قد جمع الناس وأخذ عليهم الميثاق : ألا يخرج منهم أحد ، ثم خطبهم فقال :

الصفحة 22