كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 222 """"""
خوارزم شاه فحصرها وفتحها عنوة ، وأحضر أبا علي وفك قيده وعاد به إلى الجرجانية ، واسخلف مأمون بعض أصحابه على بلد خوارزم شاه ، وصارت من جملة ما بيده ، وقتل خوارزم شاه بين يدي أبي علي بن سيمجور ، وكتب مأمون إلى الأمير نوح وهو يشفع في أبي علي ويسأل الصفح عنه ، فأجابه إلى ذلك وأمر أبو علي بالمسير إلى بخارى ، فسار إليها فيمن بقي معه من أهله وأصحابه ، فلما بلغها لقيه الأمراء والعساكر ودخل على الأمير نوح فأمر بالقبض عليه وعلى من معه ، واعتقله فمات في حبسه في سنة سبع وثمانين وثلاثمائة .
ذكر وفاة الأمير نوح بن منصور
كانت وفاته في شهر رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، فكان مدة ملكه عشرين سنة وثمانية أشهر ، فاحتل بموته ملك آل ساسان وضعف أمرهم ضعفاً ظاهراً ، وطمع فيهم أصحاب الأطراف ، وزال ملكهم بعد ذلك بمدة يسيره على ما نذكره إن شاء الله تعالى ، فكأنه المعنى بقول القائل :
وما كان قيس هلكه هلك واحد . . . ولكنه بنيان قوم تهدما
ذكر ولاية أبي الحارث منصور بن نوح بن منصور بن نوح ابن نصر بن أحمد بن إسماعيل بن أحمد ، وهو التاسع من الملوك السامانية
ملك ما وراء النهر وخراسان بعد وفاة أبيه في شهر رجب سنة سبع وثمانين وثلاثمائة ، وبايعه الأمراء والقواد وسائر الناس ، وفرق فيهم بقايا الأموال فاتفقوا على طاعته ، وقام بأمر دولته وتدبيرها بكتوزون ، ولما بلغ خبر وفاة أبيه إلى ايليك الخان سار إلى سمرقند وانضم إليه فايق والخاصة فسيره جريدة إلى بخارى ، فلما سمع الأمير منصور بمسيره تحير في أمره وأعجله عن أن يتجهز ، فسار عن بخارى وقطع النهر ، ودخل فايق بخارى وأظهر أنه قصد القيام بخدمة الأمير منصور ، رعاية لحق أسلافه عليه إذ هو مولاهم ، وأرسل إليه مشايخ بخارى في العودة إلى بلده وملكه ، وأعطاه من نفسه ما يطمئن إليه من العهود والمواثيق ، فعاد إليها ودخلها وولى فايق أمره ، وحكمه في دولته ، وولى بكتوزون أمر الجيش بخراسان ، وكان محمود ابن سبكتكين حينئذ مشغولاً بمحاربة أخيه إسماعيل ، فسار بكتوزون إلى خراسان ووليها واستقرت قواعده بها .

الصفحة 222