كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 226 """"""
أحاطت به الخيل من كل جانب ، فطاردهم ساعة وانهزم بحالة للعرب ، وكانوا في طاعة يمين الدولة محمود بن سبكتكين ، فأمهلوه حتى أظلم الليل ووثبوا عليه فأخذوه وقتلوه ، وكان ذلك خاتمة أمره وآخر ما اتفق لآل سامان ، ولم يقم منهم بعده أحد ، والله أعلم .
ذكر أخبار الدولة الصفارية وابتداء أمرها
أول من قام منهم يعقوب بن الليث الصفار ، وكان يعقوب هذا وأخوه عمرو يعملان الصفر بسجستان ويظهران الزهد والتقشف ، وكان في أيامهما رجل من أهل سجستان اسمه صالح بن النضر الكناني قد تغلب على سجستان في سنة سبع وثلاثين ومائتين في خلافة المتوكل على الله ، فصحبه يعقوب وقاتل معه وجعله صالح مقام الخليفة عنه ، فاستنفذ طاهر بن عبد الله بن طاهر - أمير خراسان - سجستان من يده ، ثم هلك بعد ذلك فقام مقامه بأمر المتطوعة رجل اسمه درهم بن الحسن ، فغلب على سجستان وكان غير ضابط لعسكره وكان يعقوب هو قائد العسكر ، فلما رأى أصحاب درهم ضعفه وعجزه اجتمعوا على يعقوب بن الليث ، وملكوه أمرهم لما رأوه من تدبيره وحسن سياسته وقيامه بأمرهم ، فلما تبين ذلك لدرهم لم ينازعه في الأمر ، وسلمه إليه واعتزل عنه فاستبد يعقوب بالأمر ؛ وقيل بل احتال صاحب خراسان على درهم حتى قبض عليه ، وحمله إلى بغداد فحبس بها ثم أطلق وخدم الخليفة ببغداد ، واستقل يعقوب بعده بالأمر وعظم شأنه وتولى أمر المتطوعة ، وقام بمحاربة الشراة فظفر بهم وأكثر القتل فيهم حتى كاد يفنيهم ، وخرب قراهم ، وأطاعه أصحابه طاعة لم يطيعوا أحداً قبله ، فاشتدت شوكته فغلب على سجستان وأظهر التمسك بطاعة الخليفة ، وكاتبه وصدر عن أمره وأظهر أنه أمره بقتال الشراة ، وملك يعقوب سجستان وضبط الطريق ، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فكثر اتباعه .
ذكر ملك يعقوب هراة وبوشنج
قال : ولما كثرا أتباعه خرج عن حد طلب الشراة ، فصار يتناول أصحاب خراسان ، وسار من سجستان إلى هراة من أعمال خراسان في سنة ثلاث وخمسين

الصفحة 226