كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 227 """"""
ومائتين ، وأمير خراسان يومذاك محمد بن طاهر بن عبد الله ، وعامله على هراة محمد بن أوس الأنباري فخرج منها لمحاربته ، والتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً فانهزم ابن أوس وملك يعقوب هراة وبوشنج وصارت المدينتان في يده ، فعظم أمره وهابه أمير خراسان وغيره من أصحاب الأطراف ، وذلك في خلافة المعتز بالله .
ذكر استيلائه على كرمان
وفي سنة خمي وخمسين ومائتين استولى يعقوب بن الليث على كرمان ، وسبب ذلك أن علي بن الحسين بن سبل كان على فارس ، فتباطأ بحمل الخراج منها وكتب إلى المعتز بالله يطلب منه كرمان ، ويذكر عجز الطاهرية عنها ، فكتب إليه بولايتها وكتب إلى يعقوب أيضاً بولايتها ، وقصد بذلك إغراء كل واحد منهما بالآخر فتسقط عنه مؤونة الهالك منهما وينفرد بالآخر ، وكان كل منهما يظهر الطاعة للخليفة وهو في باطن أمره على معصيته ، والمعتز يعلم بذلك منهما ، فأرسل علي بن الحسين ، طوق بن المغلس إلى كرمان ، وسار يعقوب إليها فسبقه طوق واستولى عليها ، وأقبل يعقوب حتى بقي بينه وبين عسكر كرمان مرحلة ، فأقام بها شهرين لا يتقدم إلى طوق ، ولا طوق يخرج إليه ، فلما طال ذلك عليه أظهر الارتحال إلى سجستان ورجع مرحلتين ، وبلغ طوقا ارتحاله فظن أنه قد بدا له في حربه ، فوضع آلة الحرب وقعد للشرب واللهو ، واتصل ذلك بيعقوب فكر راجعاً وطوى المرحلتين في مرحلة واحدة ، فلم يشعر طوق إلا بغبرة العسكر قد طلعت ، فقال : ما هذا ؟ فقبل غبرة المواشي ، فلم يكن بأسرع من موافاة يعقوب فأحاط به وبأصحابه ، فذهب أصحابه يريدون المناهضة والدفع عن أنفسهم ، فقال يعقوب لأصحابه : أفرجوا لهم ، فأفرجوا لهم فمروا هاربين وتركوا أموالهم وأثقالهم ، وأسر يعقوب طوقا ، وكان علي بن الحسين قد سير مع طوق قيوداً في صناديق ، ليقيد بها من يأخذه من أصحاب يعقوب ، وفي صناديق أطوقة وأساور يعطيها لأصحاب البلاء من أصحابه ، فلما غنم يعقوب عسكرهم رأى ذلك فقال يا طوق : ما هذا ؟ فأخبره ، فأعطى يعقوب الأطوقة والأساور لأصحابه ، وقيد بالقيود والأغلال أصحاب علي ، ولما أخرج يد طوق ليجعل الغلّ فيها رآها يعقوب وعليها عصابة ، فسأله عنها فقال : أصابتني حرارة

الصفحة 227