كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 228 """"""
فقصدتها ، فأمر يعقوب بنزع خف نفسه فتساقط كسر يابسة ، فقال : يا طوق هذا خفي لم أنزعه من رجل منذ شهرين ، وخبزي فيه منه آكل ، وأنت جالس في الشرب ، ثم دخل كرمان مع سجستان .
ذكر ملكه فارس
قال : ولما بلغ على بن الحسين صاحب فارس ما فعله يعقوب بطوق أيقن بمجيئه إليه وكان بشيراز ، فجمع جيشه وصار إلى مضيق خارج شيراز ، من أحد جانبيه جبل لا يسلك ، ومن الآخر نهر لا يخاض على رأس المضيق ، وهو مضيق لا يسلكه وإلا واحد بعد واحد وقال : إن يعقوب لا يقدر على الجواز إلينا ، وأقبل يعقوب حتى دنا من ذلك المضيق ونزل على ميل منه ، وسار وحده ومعه رجل آخر فنظر إلى المضيق والعسكر فسبه أصحاب علي وهو ساكت ، ثم رجع إلى أصابه ، فلما كان الغد سار حتى صار إلى طريق المضيق مما يلي كرمان ، ومر أصحابه بالنزول وحط الأثقال ففعلوا وركبوا دوابهم وأخذ كلبا كان قد ألفه فألقاه في الماء ، فجعل يسبح إلى جانب أصحاب علي ، وكان علي وأصحابه قد ركبوا لينظروا إلى فعله ويضحكون منه ، فألقى يعقوب نفسه وأصحابه في الماء على خيولهم وبأيديهم الرماح ، وجعلوا يسيرون خلف الكلب ، فلما رأى علي يعقوب وقد قطع عامة النهر تحير في أمره ، وانتقض عليه ما كان قد دبره ، وخرج أصاب يعقوب فلما صار أوائلهم في البر هرب أصحاب علي إلى مدينة شيراز ، فسقط علي بن الحسين عن فرسه فأخذ أسيراً وأتى به إلى يعقوب فقيده واحتوى علي ما كان في عسكره ، ثم رحل من موضعه ودخل شيراز ليلا فلم يتحرك أحد ، فلما أصبح انتبه أصحابه دار علي ودور أصحابه ، وأخذ ما في بيوت الأموال وجبي الخارج ، ورجع إلى سجستان . وقيل إنه كان بينه وبين علي حرب بعد عبور النهر ، وذلك أن علياً كان قد جمع عنده جمعاً كثيراً من الموالي والأكراد وغيرهم ، بلغت علتهم خمسة عشر ألفاً من فارس وراجل ، وعبأ أصحابه وأقبل يعقوب عبر النهر فلما صاروا في أرض واحدة حمل يعقوب وعسكره حملة رجل واحد ، وتابع الحملات حملة بعد أخرى فانهزم أصاب علي ، وتبعهم وهو يصيح بهم فلا يرجون ، وقتل الرجالة قتلاً ذريعاً ، وأقبل المنهزمون إلى باب شيراز وقت العصر ، فازدحموا إلى الأبواب وتفرقوا في نواحي فارس ، وبلغ بعضهم إلى الأهواز فأمر يعقوب بالكف عنهم ، وكانت القتلى منهم خمسة آلاف ، قيل أصحاب علي بن الحسين ثلاث جراحات ثم أخذ أسيراً .

الصفحة 228