كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 234 """"""
ذكر وفاة يعقوب بن الليث وولاية أخيه عمرو
كانت وفاته من تاسع عشر شوال سنة خمس وستين ومائتين بجند يسابور من كور الأهواز ، وكانت علته القولنج فأمره الأطباء بالاحتقان بالدواء ، فامتنع واختار الموت على ذلك ، وكان المعتمد على الله قد أنفذ إليه رسولاً وكتاباً يستمليه ويسترضيه ، وقلده أعمال فارس ، فوصل الرسول ويعقوب مريض فجلس له ، وجعل عنده سيفاً ورغيفاً من الخبز الخشكار وبصلاً ، وأحضر الرسول وسمع رسالته وقال له : قل للخليفة إنني عليل ، فإن مت فقد استرحت منك واسترحت مني ، وإن عوفيت فليس بيني وبينك إلا هذا السيف حتى آخذ بثأري أو تكسرني وتعقرني فأعود إلى هذا الخبز والبصل وأعاد الرسول ، فلم يلبث يعقوب أن مات .
وكان الحسن بن زيد العلوي - صاحب طبرستان - يسمى يعقوب السندان لثباته ، وكان يعقوب قد افتتح الرخج وقتل ملكها البتبر وكان هذا الملك يحمل على سريره من ذهب يحمله اثنا عشر رجلاً ، وابتنى بيتاً على جبل عال سماه مكة ، وكان يدعى الإلهية فقتله يعقوب ، وافتتح الخلجية وزابل وغير ذلك ، وكان عاقلاً حازماً وكان يقول : كل من عاشرته أربعين يوماً فلا تعرف أخلاقه لا تعرفها في أربعين سنة .
ذكر ولاية عمرو بن الليث
كانت ولايته بعد وفاة أخيه يعقوب في تاسع شوال سنة خمس وستين ومائتين ، ولما ولى كتب إلى الخليفة بطاعته ، فولا الموفق خراسان وأصفهان وسجستان والسند وكرمان والشرطة ببغداد وأشهد عليه بذلك وسير إليه العهد والخلع ، فاستحلف عمرو بن الليث ، عبيد الله بن عبد الله بن طاهر على الشرطة ببغداد وسامرا في صفر سنة ست وستين ، وخلع عليه الموفق أيضاً ، ولم يزل عمرو في هذه الولايات إلى أن عزله المعتمد في شهور سنة إحدى وسبعين ومائتين ، وأدخل عليه حاج خراسان وأعلمهم أنه عزل عمرو بن الليث عما كان قلده ، ولعنه بحضرتهم وأعلمهم أنه قد قلد خراسان لمحمد ابن طاهر ، وقد يلعن عمرو على المنابر فلعن .

الصفحة 234