كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 236 """"""
ذكر أخباره وشيء من سيرته
كان عمرو أعور شديد الشره عظيم السياسة ، قد منع قواده وأصحابه أن يضرب أحد منهم غلامه إلا بأمره ، وكان يشتري المماليك الصغار ويربيهم ويهبهم إلى القواد ، ويجري عليهم الجرايات السنية ليطالعوه بأخبار القواد ، فلا ينكتم عنه شيء من أمرهم ولا يعلمون من ينقل إليه الأخبار ، وكان كثير المصادرات لعماله وخواصه .
حكى عنه أن محمد بن بشير أكبر حجابه - وكان يخلفه في جلائل الأمور والحروب المعضلة - فدخل عليه يوماً ، فأخذ يعدد عليه ذنوبه فحلف محمد بن بشير بالله وبالطلاق أنه لا يملك غير خمسين بدرة وهو يحملها إلى الخزانة ولا يجعل له ذنباً لم يعلمه ، فقال له عمرو : ما أعقلك من رجل ؟ احملها فحملها ، ولا شيء أقبح من هذا الفعل ، ومع ذلك فقد حكى القاضي عياض بن موسى في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى ( صلى الله عليه وسلم ) عن الإمام أبي القاسم القشيري أن عمراً رؤية في النوم فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، فقيل : بماذا ؟ قال : صعدت ذروة جبل يوماً فأشرفت على جنودي ، فأعجبتني كثرتهم فتمنيت أني حضرت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأعنته ونصرته ، فشكر الله لي ذلك وغفر لي .
وانقرضت هذه الدولة بأسر عمرو ، وكانت مدتها خمساً وثلاثين سنة ، أيام يعقوب ثلاث عشرة سنة وأيام عمرو اثنتين وعشرين سنة .
ذكر أخبار أحمد بن عبد الله الخجستاني
وهذه النسبة إلى خجستان وهي من جبال هراة من أعمال باذغيس وكان أحمد بن عبد الله هذا من اًحاب محمد بن طاهر ، فلما استولى يعقوب بن الليث على نيسابور ضم أحمد هذا إلى أخيه علي بن الليث وكان بنو شركب ثلاثة أخوة : إبراهيم

الصفحة 236