كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 26 """"""
قال : ولما أتى عيسى برأس محمد قال لأصحابه : ما تقولون فيه ؟ فوقعوا فيه ، فقال بعضهم : كذبتم ما لهذا قاتلناه ، ولكنه خالف أمير المؤمنين ، وشق عصا المسلمين ، وإن كان لصوام قواماً فسكتوا .
وأرسل عيسى بن موسى الرأس إلى المنصور مع محمد بن أبي الكرام بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، وبالبشارة مع القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وأرسل معه رؤوس بني شجاع ، فأمر المنصور برأس محمد فطيف به في الكوفة وسيره إلى الآفاق . قال : ولما رأى المنصور رؤوس بني شجاع قال : هكذا فليكن الناس طلبت محمداً فاشتمل عليه هؤلاء ، ثم نقلوه وانتقلوا معه ، ثم قاتلوا معه حتى قتلوا . وكان مقتل محمد وأصحابه يوم الإثنين بعد العصر لأربع عشرة خلت من شهر رمضان خمس وأربعين ومائة .
قال : وكان المنصور قد بلغه أن عيسى بن موسى قد هزم ، فقال : كلا ، فأين لعب صبياننا بها على المنابر ومشورة النساء ؟ ما أنى لذلك بعد . ثم بلغه أن محمداً هرب ، فقال : كلا ، إن أهل بيت لا نفر ، فجاءته بعد ذلك الرؤوس . قال : ولما وصل رأس محمد إلى المنصور كان الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عنده ، فلما رأى الرأس عظم عليه وتجلد خوفاً من المنصور ، فالتفت المنصور إليه وقال : أهو هو ؟ قال : نعم ، ولوددت أن الله تعالى قاده إلى طاعتك ، ولم تكن فعلت به كذا ، قال : وأنا وإلا فأم موسى طالق ، ولكنه أراد قتلنا فكانت نفسنا أكرم علينا من نفسه . قال : وأرسل عيسى بن موسى ألوية فنصبت في مواضع بالمدينة ، ونادى مناديه : من دخل تحت لواء منها فهو آمن ؛ وأخذ أصحاب محمد فصلبهم ما بين ثنية الوداع إلى دار عمر بن عبد العزيز صفين ، ووكل بخشبة ابن خضير من يحفظها ، فاحتمله قوم من الليل فواروه سراً ، وبقي الآخرون ثلاثاً ، ثم أمر بهم عيسى فألقوا في مقابر اليهود ، ثم ألقوا بعد ذلك في خندق ذباب ، فأرسلت زينب بنت عبد الله ، أخت محمد - وابنته فاطمة إلى عيسى : إنكم قد قتلتموه وقضيتم حاجتكم منه ، فلو أذنتم لنا في دفنه فأذن لهما فدفن بالبقيع . قال : وقطع المنصور الميرة عن المدينة في البحر ، ثم أذن فيها المهدي .

الصفحة 26