كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 29 """"""
ببناء قنطرة الصراة العتيقة ، فخرج إبراهيم ينظر إليها مع الناس ، فوقعت عليه عين المنصور ، فجلس إبراهيم وذهب في الناس ، فأتى فأميا فلجأ إليه فأصعده غرفة له ، وجد المنصور في طلبه ووضع الرصد بكل مكان ، فثبت إبراهيم مكانه ، فقال له صاحبه سفي بن حيان العمى : قد نزل بنا ما ترى ، ولا بد من المخاطرة ، قال : فأنت وذاك ، فأقبل سفيان إلى الربيع ، فسأله الإذن على المنصور فأدخله إليه ، فلما رآه شتمه فقال : يا أمير المؤمنين ، أنا أهل لما تقول ، غير أني أتيتك تائباً ولك عندي كل ما تحب ، وأنا آتيك بإبراهيم بن عبد الله ، إني قد بلوتهم فلم أجد فيهم خيراً ، فاكتب لي جوازا ولغلام معي ، واحملني على البريد ووجه معي جندا ، فكتب له جوازا ودفع إليه جندا ، وقال له : هذه ألف دينار فاستعن بها ، قال : لا حاجة لي فيها ، فأخذ منها ثلاثمائة دينار ، وأقبل والجند معه فدخل البيت على إبراهيم ، وعلى إبراهيم جبة صوف وقباء كأقبية الغلمان ، فصاح به فوثب فجعل يأمره وينهاه ، وسار على البريد ، وقيل لم يركب البريد ، وسار حتى قدم المدائن ، فمنعه صاحب القنطرة بها ، فدفع جوازه إليه ، فلما جازها قال له الموكل بالقنطرة : ما هذا غلام وإنه لإبراهيم بن عبد الله ، اذهب راشدا فأطلقهما ، فركبوا سفينة حتى قدموا البصرة ، فجعل يأتي بالجند الدار لها بابان ، فيقعد البعض منهم على أحد البابين ، ويقول : لا تبرحوا حتى آتيكم ، فيخرج من الباب الآخر ويتركهم ، حتى فرق الجند على نفسه وبقى وحده ، وبلغ الخبر سفيان بن معاوية أمير البصرة ، فأرسل إلى الجند فجمعهم ، وطلب العمى فعجزه وكان إبراهيم قد قام الأهواز قبل ذلك فاختفى عند الحسن بن حبيب ، وكان محمد بن حصين يطلبه ، فقال يوماً : إن أمير المؤمنين كتب إليّ يخبرني أن المنجمين أخبروه : أن إبراهيم نازل بالأهواز ، وهو في جزيرة بين نهرين ، وقد طلبته في الجزيرة وليس هناك ، وقد عزمت أن أطلبه غداً بالمدينة ، لعلّ أمير المؤمنين يعني بقوله - بين نهرين - بين دخيل والمسرفان ، فرجع الحسن بن حبيب إلى إبراهيم فأخبره ، وأخرجه إلى ظاهر البلد ، ولم يطلبه محمد ذلك اليوم ، فلما كان آخر النهار خرج الحسن إلى إبراهيم ، فأدخله البلد وهما على حمارين وقت العشاء الآخرة ، فلحقه أوائل خيل ابن

الصفحة 29