كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 31 """"""
فقال إبراهيم : إنا لا نتطير وجلس عليه مقلوباً ، وحبس القواد وحبس أيضاً سفيان بن معاوية في القصر وقيده بقيد خفيف ، ليعلم المنصور أنه محبوس ، وباغ جعفر ومحمداً ، ابني سليمان بن علي ظهور إبراهيم ، فأتيا في ستمائة رجل ، فأرسل إليهما إبراهيم المضاء ابن القاسم اجزري في خمسين رجلاً فهزمهما ، ونادى منادي إبراهيم : لا يتبع منهزم ولا يدفق على جريح ، ومضى إبراهيم بنفسه إلى باب زينب بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس ؛ وإليها ينسب الزينبيون من العباسيين ، فنادى بالأمان وألا يعرض لهم أحد ، فصفت له البصرة ووجد في بيت ما لها ألفى ألف درهم ، فقوى بذلك وفرض لأصحابه لكل رجل خمسين درهماً .
فلما استقرت له البصرة أرسل المغيرة إلى الأهواز ، فبلغها في مائتي رجل ، وكان فيها محمد بن الحصين عاملاً للمنصور ، فخرج إليه في أربعة آلاف فالتقوا ، فانهزم ابن الحصين ودخل المغيرة الأهواز ؛ وقيل إنما سير إبراهيم المغيرة إلى الأهواز بعد مسيره من البصرة إلى باخمرى ، وسير إبراهيم إلى فارس عمر ابن سداد ، فقدمها وبها إسماعيل وعبد الصمد ابنا علي بن عبد الله بن العباس ، فبلغهما دنو عمرو - وهما باصطخر - فقصدا داربجرد فتحصنا بها ، فصارت فارس في يد عمرو ، وأرسل إبراهيم ، هارون بن سعد العجلي في سبعة عشر ألفا إلى واسط ، وبها هارون بن حميد الإيادي من قبل المنصور - فملكها العجلي ، وأرسل المنصور لحربه عامر بن إسماعيل المسلى في خمسة ، آلاف وقيل في عشرين ألفاً ، وكانت بينهم وقعات ثم تهادنوا على ترك الحرب ، حتى ينظروا ما يكون من إبراهيم والمنصور ، فلما قتل إبراهيم هرب هارون بن سعد عنها ، واختفى حتى مات .
قال : ولم يزل إبراهيم بالبصرة ، يفرق العمال والجيوش حتى أتاه نعي أخيه محمد قبل الفطر بثلاثة أيام ، فخرج بالناس يوم العيد وفيه الانكسار ، فصلى بهم وأخبرهم بقتل محمد ، فازدادوا في قتال المنصور بصيرة ، وأصبح من الغد فعسكر واستخلف على البصرة نميلة ، وخلف ابنه حسنا معه .