كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 36 """"""
عاماً وأذن للناس ، فكان الداخل يدخل فيتناول إبراهيم ، ويسيء القول فيه ويذكر فيه القبيح ، التماساً لرضا المنصور ، والمنصور ممسك متغير لونه ، حتى دخل جعفر بن حنظلة البهراني ، فوقف فسلم ثم قال : عظم الله أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك ، وغفر له ما فرط فيه من حقك ، فاستقر لون المنصور وأقبل عليه ، وقال : مرحبا أبا خالد ههنا ، فعلم الناس أن ذلك يرضيه ، فقالوا مثل قوله . قيل ولما وضع الرأس بين يدي المنصور بصق في وجهه رجل من الحرس ، فأمر به المنصور فضرب بالعمد ، فهشمت أنفه ووجهه ، وضرب حتى خمد وأمر به فجروا برجله فألقوه خارج الباب .
قال : ومما رثى به محمد بن عبد الله وأخوه إبراهيم قول عبد الله ابن مصعب بن ثابت :
يا صاحبي دعا الملامة واعلما . . . أن لست في هذا بألوم منكما
وقفا بقبر ابن النبي فسلما . . . لا بأس أن تقفا به فتسلم
قبر تضمن خير أهل زمانه . . . حسبا وطيب سجية وتكرما
رجل نفى بالعدل جور بلاده . . . وعفا عظيمات الأمور وأنعما
لم يجتنب قصد السبيل ولم يجر . . . عنه ولم يفتح بفاحشة فما
لو أعظم الحدثان شيئاً قبله . . . بعد النبي لكنت المعظما
أو كان أمتع بالسلامة قبله . . . أحداً لكان قصاره أن يسلما
ضحوا بإبراهيم خير ضحية . . . فتصرمت أيامه وتصرما
بطلاً يخوض بنفسه غمراتها . . . لا طائشاً رعشاً ولا مستسلما
حتى مضت فيه السيوف وربما . . . كانت حتوفهم السيوف وربما
أضحى بنو حسن أبيح حريمهم . . . فينا وأصبح نهبهم متقسما
ونساؤهم في دورهن نوائح . . . سجع الحمام إذا الحمام ترنما
يتوسلون بقتلهم ويرونه . . . شرفاً لهم عند الإمام ومغنما
والله لو شهد النبي محمد . . . صلى الإله على النبي وسلما
إشراع أمته الأسنة لابنه . . . حتى تقطر من ظباتهم دما
حقاً لأيقن أنهم قد ضيعوا . . . تلك القرابة واستحلوا المحرما