كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 38 """"""
حسن ، فضربه يحيى على أنفه فقطعه ، ودار له إدريس من خلفه فضربه فصرعه ثم قتلاه ، وانهزم أصحابه ودخل العمري في المسودة ، فحمل عليهم أصحاب الحسين فهزموهم من المسجد ، وانتهبوا بيت المال وكان فيه بضعة عشر ألف دينار ، وقيل سبعون ألفاً ، وتفرق الناس وأغلق أهل المدينة أبوابهم ، فلما كان الغد اجتمع عليهم شيعة بني العباس فقاتلوهم ، وفشت الجراحات في الفريقين ، واقتتلوا إلى الظهر ثم افترقوا ، ثم إن مباركا التركي أتى شيعة بني العباس من الغد - وكان قدم حاجا - فقاتل معهم فاقتتلوا أشد قتال إلى منتصف النهار ، ثم تفرقوا ورجع أصحاب الحسين إلى المسجد ، وواعد مبارك الناس الرواح إلى القتال ، فلما غفلوا عنه ركب رواحله وانطلق ، وراح الناس فلم يجدوه ، فقاتلوا شيئاً من قتال إلى المغرب ثم تفرقوا ، وقيل إن مباركاً أرسل إلى الحسين يقول له : والله لئن أسقط من السماء فيتخطفني الطير أيسر على من أن تشوكك شوكة ، أو تقطع من رأسك شعرة ، ولكن لابد من الاعذار ، فبينتني فإني منهزم عنك ، فوجه إليه حسين أو خرج إليه في نفر ، فلما دنوا من عسكره صاحوا وكبروا ، فانهزم هو وأصحابه ، وأقام الحسين وأصحابه أياماً يتجهزون ، فكان مقامهم بالمدينة أحد عشر يوماً ، ثم خرجوا لست بقين من ذي القعدة ، فلما خرجوا عاد الناس إلى المسجد ، فوجدوا فيه الطعام الذي كانوا يأكلون وآثارهم ، فدعوا عليهم . ولما فارق الحسين المدينة قال : يا أهل المدينة ، لا خلف الله عليكم بخير ، فقالوا : بل أنت ، لا خلف الله عليك بخير ، ولا ردك إلينا ، وكان أصحابه يحدثون في المسجد ، فغسله أهل المدينة . قال : ولما أتى الحسين مكة فنودي : أيما عبد أتانا فهو حر ، فأتاه العبيد ، فانتهى الخبر إلى الهادي ؛ وكان قد حج تلك السنة رجال من أهل بيته ، منهم سليمان بن المنصور ، ومحمد بن سليمان بن علي ، والعباس ابن محمد بن علي ، وموسى وإسماعيل ابنا عيسى بن موسى ، فكتب الهادي إلى محمد بن سليمان بتوليته على الحرب ، وكان قد سار من البصرة بجماعة وسلاح لخوف الطريق ، فاجتمعوا بذي طوى ، وكانوا قد أحرموا بعمرة ، فلما قدموا مكة طافوا وسعوا وحلوا من العمرة ، وعسكروا بذي طوى وانضم إليهم من حج من شيعتهم ومواليهم وقوادهم ، والتقوا واقتتلوا يوم التروية ، فانهزم أصحاب الحسين ، وقتل منهم وجرح ، وانصرف محمد بن سليمان ومن معه إلى مكة ، ولا يعلمون حال الحسين ، فلما بلغوا ذا طوى لحقهم رجل من أهل خراسان يقول : البشرى ، البشرى ، هذا رأس

الصفحة 38