كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 4 """"""
ثم ألح المنصور على عبد الله بن حسن في إحضار ابنه محمد سنة حج ، فقال عبد الله لسليمان بن علي بن عبد الله بن عباس : يا أخي بيننا من الصهر والرحم ما تعلم ، فما ترى ؟ فقال سليمان : والله لكأني أنظر إلى أخي عبد الله بن علي حين حال الستر بيننا وبينه ، وهو يشير إلينا ، إن هذا الذي فعلتم بي ، فلو كان المنصور عافياً على أحد عفا عنه عمه ، يشير إلى خبر المنصور لما حبس عمه عبد الله بن علي ، فقيل عبد الله بن حسن رأى ، سليمان ، وعلم أنه قد صدقه ولم يظهر ابنه . ثم شرع المنصور في إعمال الفكرة ، والتوصل إلى أن يطلع على حقيقة خبر محمد بن عبد الله ، وجعل عليه العيون والمراصد ، وتوصل بكل طريق ، حتى إنه اشترى رقيقاً من رقيق الأعراب ، وأعطى الرجل منهم البعير ، والرجل البعيرين ، والرجل الزود ، وفرقهم في طلب محمد في ظهر المدينة ، فكان الرجل منهم يرد الماء كالمار وكالضال فيسألون عنه ، وبعث المنصور عيناً وكتب معه كتاباً على ألسن الشيعة إلى محمد ، يذكرون طاعتهم ومسارعتهم ، وبعث معه بمال وألطاف ، فقدم الرجل المدينة فدخل على عبد الله بن حسن ، وسأله عن ابنه محمد فكتم خبره ، فتردد إليه الرجل وألحّ في المسألة فذكر له أنه في جبل جهينة ، وقال له : أمرر بعلي بن حسن ، الرجل الصالح الذي يدعى الأغرّ ، وهو بذي الإبر ، فهو يرشدك إليه ، فأتاه فأرشده ، وكان للمنصور كاتب على سره يتشيع ، فكتب إلى عبد الله بن حسن يخبره بخبر ذلك العين ، فلما قدم الكتاب ارتاع له ، وبعث إلى محمد ابنه وإلى علي بن حسن يحذرهما الرجل ، وأرسل بذلك أبا هبار ، فخرج أبو هبار فنزل بعلي بن حسن وأخبره ، ثم سار إلى محمد بن عبد الله في موضعه الذي هو به ، فإذا هو جالس في كهف ومعه جماعة من أصحابه ، وذلك العين معهم أعلاهم صوتاً وأشدهم انبساطاً ، فلما رأى أبا هبار خافه ، فقال أبو هبار لمحمد : إن لي حاجة ، فقام معه فأخبره الخير ، قال : فما الرأي ؟ قال : أرى إحدى ثلاث ، قال : وما هي ؟ قال : تدعني أقتل هذا الرجل ، قال : ما أنا بمقارف دماً إلا مكرهاً ، قال : أثقله حديداً ، وتنقله معك

الصفحة 4