كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 40 """"""
ذكر ظهور يحيى بن عبد الله بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب
كان ظهوره في خلافة الرشيد بن المهدي في سنة ست وسبعين ومائة ببلاد الديلم ، واشتدت شوكته وكثرت جموعه ، وأتاه من الأمصار ، فاغتم الرشيد لذلك ، فندب إليه الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي في خمسين ألفاً ، وولاه جرجان وطبرستان والري وغيرها وحمل معه الأموال ، فكاتب يحيى بن عبد الله ولطف به وحذره ، وأشار عليه وبسط أمله ، ونزل الفضل بالطالقان ، بمكان يقال له أشب ، ووالى كتبه إلى يحيى ، وكاتب صاحب الديلم وبذل له ألف ألف درهم ، على أن يسهل له خروج يحيى بن عبد الله ، فأجاب يحيى إلى الصلح على أن يكتب له الرشيد أماناً بخطه ، يشهد عليه فيه القضاة والفقهاء وجلة بني هاشم ومشايخهم ؛ منهم عبد الصمد بن علي ، فأجابه الرشيد إلى ذلك ، وسرّ به وعظمت منزلة الفضل عنده ، وسيّر الأمان مع هدايا وتحف ، فقدم يحيى مع الفضل بغداد ، فلقيه الرشيد بكل ما أحب وأمر له بمال كثير ، ثم حبسه الرشيد بعد ذلك فمات في حبسه ؛ وكان الرشيد قد عرض كتاب أمان يحيى على محمد بن الحسن الفقيه وعلى أبي البختري القاضي ، فقال محمد : الأمان صحيح ، فحاجه الرشيد ، فقال محمد : وما يصنع بالأمان ؟ لو كان محارباً ثم ولىّ كان آمنا ، وقال أبو البختري : هذا أمان منتقض من وجه كذا ، فمزقه الرشيد ، وقد ذكرنا خبر يحيى في حبسه فيما تقدم من كتابنا هذا ، عند ذكرنا لأخبار القبض على البرامكة في أيام الرشيد ، وأن الرشيد كان قد حبسه عند جعفر ، فأطلقه جعفر بغير أمر الرشيد ، وقيل بل أخبره بوفاته ، ثم نقله إلى خراسان وأودعه عند أميرها على ابن عيسى بن ماهان ، وأوصاه به أن يكون عنده موسعاً عليه واستكتمه أمره ، فكتب علي بذلك إلى الرشيد ، فكان ذلك سبب زوال نعمة البرامكة ، وقد تقدم ذكر هذه القصة هناك مبسوطة ، ولا فائدة في تكرار ذلك وإعادته ، فلنذكر خلافه من أخبار من ظهر من الطالبيين .