كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 43 """"""
وأخذ أصحاب يحيى ما كان معهم من الدواب والمال ، وخرج يحيى إلى سواد الكوفة ، وتبعه جماعة من الزيدية وغيرهم إلى ظهر واسط ، وأقام بالبستان فكثر جمعه ، فوجه محمد بن عبد الله إلى محاربته الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسين بن مصعب في جمع من أهل النجدة والقوة ، فسار إليه ونزل في مقابلته ولم يقدم عليه ، وسار يحيى والحسين في أثره حتى نزل الكوفة ، ولقيه عبد الرحمن بن الخطاب المعروف بوجه الفلس قبل دخولها ، فقاتله فانهزم عبد الرحمن إلى ناحية شاهي فوافاه الحسين بها ، واجتمعت الزيدية إلى يحيى بن عمر ، ودعا بالكوفة إلى الرضا من آل محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، واجتمع الناس إليه ، وتولاه العامة من أهل بغداد ، ولا يعلم أنهم تولوا أحداً من أهل بيته سواه ، وبايعه جماعة من أهل الكوفة ممن له تدبير وبصيرة في تشيعهم ، ودخل فيهم أخلاط لا ديانة لهم ، وأقام الحسين بشاهى فأراح واستراح ، واتصلت به الأمداد ، ويحيى بالكوفة يعد الرجال ويصلح السلاح ، فأشار عليه جماعة من الزيدية ممن لا علم لهم بالحرب بمعاجلة الحسين بن إسماعيل ، وألحوا عليه فزحف إليه في ليلة الإثنين لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر رجب من السنة ، ومعهم الهيضم العجلي وغيره ، ورجاله من أهل الكوفة ليس لهم علم بالحرب ولا شجاعة ، وأسروا ليلتهم وصبحوا حسيناً وهو مستريح ، فثاروا بهم في الغلس ، فركب أصحاب الحسين وحملوا عليهم فانهزموا ، ووضعوا فيهم السيف وأسروا منهم ، فكان أول من أسر الهيضم العجلي ، وانكشف العسكر عن يحيى وعليه جوشن ، وقد تقطر به فرسه ، فوقف عليه ابن خالد بن عمران يقال له خير ، فلم يعرفه وظنه من أهل خراسان لما رأى عليه الجوشن ، فأمر رجلاً فنزل إليه وأخذ رأسه ، فعرفه رجل وسير الرأس إلى محمد بن عبد الله بن طاهر ، وادعى قتله غير واحد ، فبعث محمد الرأس إلى المستعين ، فنصب بسامراً ثم حط وسير إلى بغداد لينصب بها ، فلم يقدر محمد بن طاهر على ذلك لكثرة من اجتمع من الناس ، فلم ينصبه وخاف أن يأخذوه ، فجعله في صندوق في بيت السلاح ، ووجه الحسين بن إسماعيل رؤوس من قتل ومن أسر إلى بغداد فحبسوا بها ، وكتب محمد بن عبد الله فيهم فأمر بتخليتهم ودفن الرؤوس .

الصفحة 43