كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 44 """"""
قال : ولما ورد الخبر بقتل يحيى على محمد بن عبد الله جلس ليهنأ بذلك ، فدخل عليه داود بن الهيثم الجعفري فقال : أيها الأمير ، إنك لتهنأ بقتل رجل لو كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) حياً لعزى به ، فما رد محمد عليه شيئاً ، وأكثر الشعراء المراثى في يحيى ، لما كان عليه من حسن السيرة والديانة ، فمن ذلك قول بعضهم :
بكت الخيل شجوها بعد يحيى . . . وبكاه المهند المصقول
وبكته العراق شرقاً وغرباً . . . وبكاه الكتاب والتنزيل
والمصلى والبيت والركن والحج . . . ر جميعاً له عليه عويل
كيف لم تسقط السماء علينا . . . يوم قالوا أبو الحسين قتيل
وبنات النبي يندبن شجوا . . . موجعات دموعهن همول
قطعت وجهه سيوف الأعادي . . . بأبي وجهه الوسيم الجميل إن يحيى أبقى بقلبي غليلاً . . . سوف يودي بالجسم ذاك الغليل
قتله مذكر لقتل علي . . . وحسين ويوم أو ذي الرسول
صلوات الإله وقفا عليهم . . . ما بكى موجع ومسن ثكول
ذكر ظهور الحسين بن محمد
وفي سنة إحدى وخمسين ومائتين في زمن الخلف الذي وقع بين المستعين والمعتز ، ظهر بالكوفة رجل من الطالبيين ، اسمه الحسين ابن محمد بن حمزة بن عبد الله بن حسين بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، واستخلف بها محمد بن جعفر العلوي ، فوجه إليه المستعين مزاحم بن خاقان ، وكان العلوي بسواد الكوفة في جماعة من بني أسد ومن الزيدية ، وأجلى عنها عامل الخليفة ، وهو أحمد بن نصر بن حمزة بن مالك الخزاعي إلى قصر ابن هبيرة ، فاجتمع وهشام بن أبي دلف العجلي فسارا إلى الكوفة ، فحمل أهل الكوفة العلوية على قتالهما ووعدوهم النصرة ، فقاتلهم مزاحم وكان قد سير قائداً مع جماعة ، فأتى الكوفة من الجهة الأخرى ، فأطبقوا عليهم فلم يفلت منهم أحد ، ودخل الكوفة فرماه أهلها بالحجارة فأحرقها بالنار ، وأحرق منها سبعة أسواق حتى خرجت النار إلى السبيع ، ثم هجم على الدار التي فيها العلوي ، فهرب وأقام مزاحم بالكوفة .