كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 46 """"""
ذكر أخبار الدولة العلوية بطبرستان الداعي إلى الحق الحسن بن زيد
كان ظهور هذه الدولة في سنة خمسين ومائتين في خلافة المستعين بالله ، وأول من ظهر منهم الداعي إلى الحق : الحسن بن زيد بن محمد ابن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، وكان سبب ظهوره أن محمد بن عبد الله بن طاهر لما ظفر بيحيى بن عمر أقطعه المستعين بالله من صوافي السلطان بطبرستان ، قطائع منها قطيعة بقرب ثغر الديلم ، وهي كلار وسالوس ؛ وكان بجوارها أرض يحتطب منها أهل تلك الناحية ، وترعى فيها مواشيهم ليس لأحد عليها ملك ، إنما هي موتان ، وهي ذات عيون وأشجار وكلأ ، فوجه محمد بن عبد الله نائبه لحيازة ما أقطع ، وهو جابر بن هارون النصراني ، وكان عامل طبرستان يومئذ سليمان بن عبد الله بن طاهر ، خليفة عن محمد بن طاهر ، وكان الغالب على أمر سليمان ، محمد بن أوس البلخي ، وقد فرق محمد بن أوس هذا أولاده في مدن طبرستان ، وهم أحداث سفهاء فتأذى بهم الرعية ، وشكوا سوء سيرتهم وسيرة أبيهم وسيرة سليمان ، ثم دخل محمد بن أوس بلاد الديلم ، وهم مسالمون لأهل بطرستان ، فسبى منهم وقتل ، وساء ذلك أهل بطرستان ، ولما قدم جابر بن هارون لحيازة ما أقطع لمحمد ابن عبد الله عدا على تلك الأرض المباحة ، فحازها إلى كلا روسالوس ، وكان في تلك الناحية أخوان لهما بأس ونجدة ، مذكوران ببذل الطعام وشدة الطعان ، يقال لأحدهما محمد والآخر جعفر ابنا رستم ، فأنكرا ما فعل جابر من حيازة الموات ، وكانا مطاعين في تلك الناحية ، فاستنهضا من أطاعهما لمنع جابر من حيازة ذلك الموات ، فخافهما جابر وهرب منهما ولحق بسليمان بن عبد الله ، وخاف محمد وجعفر ومن معهما من عامل طبرستان ، فراسلوا من جاورهم من الديلم يذكرونهم العهد الذي بينهم ويعتذرون مما فعله محمد بن أوس بهم من السبي والقتل ، وأنفقوا على المعاونة على حرب سليمان بن عبد الله وغيره ، ثم أرسل ابنا رستم إلى رجل من الطالبيين - اسمه محمد بن إبراهيم - كان بطبرستان ، يدعونه إلى