كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 47 """"""
البيعة له فامتنع من ذلك ، وقال : ولكني أدلكم على رجل منّا ، وهو أقوم بهذا الأمر مني ، فدلهم على الحسن بن زيد وهو إذ ذاك بالري ، فوجهوا إليه برسالة محمد بن إبراهيم يدعونه إلى طبرستان ، فشخص إليها وقد اجتمعت كلمة الديلم وأهل كلاروسالوس على بيعته ، فبايعوه وطردوا عمال ابن أوس عنهم ، فلحقوا بسليمان ، وانضم إلى الحسن بن زيد أيضاً أهل جبال طبرستان ، فتقدم الحسن ومن معه نحو مدينة آمل طبرستان ، وهي أقرب المدن إليهم . وأقبل ابن أوس من سارية لدفعهم عنها . والتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً . فتوجه الحسن بن زيد في جماعة إلى آمل فدخلها ، فلما سمع ابن أوس الخبر - وهو مشغول بحرب أصحاب الحسن - لم تكن له همة إلا النجاة بنفسه ، فهرب ولحق بسليمان إلى سارية ، واستولى الحسن على آمل ، وكثر جمعه وأتاه كل طالب نهب وفتنة . فأقام بآمل أياماً ثم سار نحو سارية لحرب سليمان بن عبد الله ، فالتقوا خارج مدينة سارية ، ونشبت الحرب بينهم ، فسار بعض قواد الحسن نحو سارية فدخلها ، فلما سمع سليمان الخبر انهزم هو ومن معه ، وترك أهله وعياله وأثقاله بها ، واستولى الحسن وأصحابه على جميع ذلك ، وسير إليه أولاده وأهله في مركب إلى جرجان ، وقيل إن سليمان إنما انهزم اختياراً ، لأن الطاهرية كلها كانت تتشبع ، فلما أقبل الحسن نحو طبرستان تأثم سليمان من قتاله لشدة تشيعه ، وقال :
نبئت خيل ابن زيد أقبلت حينا . . . تريدنا لتحسينا الأمرينا
يا قوم إن كانت الأنباء صادقة . . . فالويل لي ولجمع الطاهريينا
أما أنا فإذا اصطفت كتائبهم . . . أكون من بينهم رأس المولينا
والعذر عند رسول الله منبسط . . . إذا احتسبت دماء الفاطمييينا
فلما التقوا انهزم سليمان ، قال : ولما اجتمعت طبرستان للحسن بن زيد وجه إلى الري جنداً مع رجل من أهله ، يقال له الحسن بن زيد أيضاً ، فملكها وطرد عامل الطاهرية عنها ، واستخلف بها رجلاً من العلويين يقال له محمد بن جعفر ، وانصرف عنها .