كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 5 """"""
حيث تنقلت ، قال : وهل بنا فراغ مع الخوف والإعجاب ؟ قالو : قام بركوة فيها ماء وتوارى ، فطلبوه فلم يجدوه فكأن الأرض التأمت عليه ، وسعى على قدميه حتى اتصل بالطريق ، فمر به أعرابي معه حمولة إلى المدينة ، فقال له : فرّغ هذه الغرارة وأدخلنيها أكن عدلاً لصاحبتها ، ولك كذا وكذا ففعل ، وحمله حتى أقدمه المدينة ، ثم قدم على المنصور فأخبره الخبر كله ، ونسي إسم أبي هبار وكنيته ، فقال : وبر ، فكتب أبو جعفر في طلب وبر المري ، فحمل إليه فسأله عن قصة محمد ، فحلف أنه لا يعرف من ذلك شيئاً ، فأمر به فضرب سبعمائة سوط ، وحبس حتى مات المنصور . ثم أحضر المنصور عقبة بن سلم الأزدى ، فقال له : إني أريدك لأمر أنا به معنى ، لم أزل أرتاد له رجلاً عسى أن تكونه ، وإن كفيتنيه رفعتك ؟ فقال : أرجو أن أصدق ظن أمير المؤمنين في ، قال : فاخف شخصك واستر أمرك ، وأتني يوم كذا وكذا في وقت كذا ، فأتاه في ذلك الوقت ، فقال له : إن بنى عمنا قد أبو إلا كيداً لملكنا واغتيالاً له ، ولهم شيعة بخراسان بقرية كذا ، يكاتبونهم ويرسلون إليهم بصدقات أموالهم وألطاف من ألطاف بلادهم ، فاخرج بكتبي وبمال وألطاف ، حتى تأتيهم متنكراً بكتاب تكتبه عن أهل هذه القرية ، ثم تعلم حالهم فإن كانوا نزعوا عن رأيهم فأحبب والله بهم وأقرب ، وإن كانوا على رأيهم علمت ذلك وكنت على حذر ، فاشخص حتى تلقى عبد الله ابن حسن متخشعاً متقشفاً ، فإن جبهك - وهو فاعل - فاصبر وعاوده ، حتى يأنس بك وتلين لك ناحيتك ، فإذا ظهر لك ما قبله فعجل إلى ؛ فشخص عقبة حتى قدم على عبد الله بن حسن ، فلقيه بالكتاب فأنكره ونهره ، وقال : ما أعرف هؤلاء القوم ، فلم يزل يتردد إليه حتى قبل كتابه وألطافه وأنس به ، فسأله عقبة الجواب فقال : أما الكتاب فإني لا أكتب إلى أحد ، ولكن أنت كتابي إليهم ، فأقرهم السلام وأعلمهم أن ابني خارجان لوقت كذا وكذا ، فرجع عقبة إلى المنصور وأعلمه الخبر ، فأنشأ المنصور الحج ، وقال لعقبة : إذا لقيني بنو حسن فيهم عبد الله بن حسن ، فأنا مكرمه ورافع مجلسه وداع بالغذاء ، فإذا فرغنا من طعامنا فلحظتك فامثل بين يديه قائماً ، فإنه سيصرف بصره عنك ، فاستدر حتى تغمز ظهره بإبهام رجلك ،

الصفحة 5