كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 54 """"""
فلما وقع عليه الطلب وعلى أمثاله هرب ، ودخل إلى بلاد الديلم ، وأقام عند ملكهم جستان بن وهسوزان بن المرزبان فأكرمه ، وأنزله فأخذ في دعاء الديلم إلى الإسلام ، فأسلم جمهورهم ، وجعل يتنقل على قراهم ويدعو ، ثم دخل إلى بلاد الجيل ، ودعاهم فأسلم أكثرهم ، ووقعت دعوته على حد النهر باسباذروذ ، فاجتمع أهل دعوته عليه ، وعاد من بلاد الجيل فيمن جمع ، فلما دخل بلاد الديلم وجد جستان على خلاف ما فارقه عليه ، لأنه فارقه على أنه معلم ، يدعو الناس لا طالب مملكة ، فمنعه جستان من الأعشار والصدقات ، فوقع بينهما حرب كانت الهزيمة فيها على جستان ، ثم ألجاه الأمر إلى مسالمة الناصر والدخول في طاعته . وأقام الناصر في هرسم قاعدة مملكة الديلم ، واتفق أن محمد ابن هارون السرخسي - نائب إسماعيل بن أحمد علي طبرستان - تخوف منه ، فهرب واستأمن إلى الحسن ، وتسلم طبرستان وجرجان محمد ابن علي المعروف بصعلوك الساماني وكان في عسكر كثيف ، واتصل السرخسي بالناصر في عسكر قوي فاستظهر به ، واجتمعا على لقاء صعلوك ، فاحتال عليهما صعلوك ، حتى افترقا بحيلة غريبة ، فلما افترقا مضى السرخسي إلى نواحي الري ، ورجع الناصر إلى بلاد الديلم ، ولم يتم له أمر ، ثم أنفذ كرة ثانية جيشاً مع كالي والحسن بن الفيرزان ، فهزمهما صعلوك وقتلا في الوقعة ، ثم خرج الناصر بنفسه إلى سالوس ، وسار إليه صعلوك ومعه أصفهبد شهريار من الخراسانية ، فالتقوا وكان مع الناصر كما ذكر المكثر عشرة آلاف رجل من الديلم والجيل ، وأكثرهم رجالة ليس معهم من الخيل والأسلحة إلا القليل ، وعدة الخراسانية نيف وثلاثون ألف رجل على غاية القوة والمتعة ، فهزمهم الناصر وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وألجأهم إلى بحر طبرستان ، فكان من غرق أمثال من قتل ، قال الصابي في الكتاب التاجي : يقال إن المفقودين كانوا نيفا على عشرين ألفا ، وقال حمزة بن

الصفحة 54