كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 56 """"""
الخراسانية ، فبعث إليهما بعد ذلك الأمير نصر بن أحمد الساماني جيشاً عليه سيمجور الدواتي ، فلقياه بحلايين من سواد جرجان فهزماه فوقف غير بعيد وتجمعت الخراسانية كعادتهم في ذلك ، فكر راجعاً إليهم فهزمهم أقبح هزيمة ، وقتل الديلم أفظع قتل ، وانهزموا وسلكوا مضايق ليأمنوا جولان الخيل ، فوصلوا جرجان فتجمع الديلم بها ، وأخلوها قاصدين طبرستان وقد اتفق رأيهم على خلع الداعي ، فخلعوه في الطريق وبايعوا أبا القاسم جعفر بن الناصر ، وألبسوه القلنسوة ، وقيل إن المبايع أبو الحسين أحمد ، وبالجملة فالأمير على الجيش أبو الحسين ؛ ولما وصلا في جيوشهما إلى آمل لقيهما الداعي دونها ، وخرج هارباً إلى بلاد الجيل ، وملكا طبرستان مديدة ، ثم كر راجعاً - وقد احتشد - فلقياه فهزمهما ، فمضيا إلى بلاد الجيل واحتشدا ، وعادا فحاربهما الداعي حرباً شديداً ثم انهزم واستوليا على عسكره ، وهرب وحيداً متنكراً يريد بلاد الجيل ، واخترق بلاده الديلم فأسره بعضهم ثم من عليه وأطلقه ، فانتهى إلى بلاد الجيل وأقام عندهم .
واتفقت وفاة أبي الحسين فجأة ، وتلاه أخوه أبو القاسم بعده ، فبقى أمر الديلم بطبرستان بغير مدبر ، فعقدوا الإمرة عليهم لليلى ابن النعمان ، فقام بأمرهم وهو يدعو للداعي إلى أن قتل بنيسابور ، قتله حمويه بن علي صاحب جيش نصر بن أحمد الساماني ، فعقدوا بعده لعلي بن خورشيد فعاجلته المنية ، فعزموا على الحسن بن كالي ، فأشار عليهم بأخيه ما كان بن كالي ، وهو أشجع أهل الديلم بالإنفاق ، فلما ولى عليهم اجتمع هو وأخوه على نصب أبي علي محمد بن أبي الحسين ابن الناصر ، فنصبوه فجرى على يده قتل الحسن بن كالي بسارية ، وكان ما كان بآمل ، ثم سقط بعد ذلك أبو علي في الميدان فهلك ، ولما اتصل بما كان ما جرى على أخيه كاتب الداعي يستدعيه ، فوافى في عسكر قوى واجتمع معه وملك طبرستان ، ثم سار ومعه ما كان إلى جرجان فملكها ، وأقام الداعي بجرجان ، وكانت في نفسه حفائظ على الديلم لنصرتهم عليه أولاد الناصر ، فعمل دعوة لهم جعل يستدعيهم واحداً واحداً فيقتله ، ففطنوا لذلك وهربوا إلى خراسان ، ودخلوا في طاعة نصر بن أحمد الساماني ، وسودوا أعلامهم وقدموا على أنفسهم أسفار بن شيروية الجيلي ، وبعث معهم نصر بن أحمد

الصفحة 56