كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 57 """"""
جيشاً كثيفاً ، وساروا فدخلوا جرجان ، وسار الداعي منها إلى طبرستان ثم إلى الري ، واجتمع فيها بما كان وأمره أن يمضي إلى طبرستان لدفع أسفار عنها ، فعلم أنه لا طاقة له بذلك ، فقال له : الرأي أن تمضي أنت فإنك الإمام ، ولو قد رأتك الديلم لا نفضوا إليك ، فاضطر الداعي إلى ذلك ، وسار ووقعت الحرب بينه وبين الخراسانية ، فانهزم جيشه وكان مرداويج بن زيار الجيلي يراصده ، فأمكنته فرصة منه فرماه فاشواه ، وولى منهزماً ودخل آمل واستتر بها ، فتتبع الديلم أثر دمه ، وأظهره لهم أهل البلد ، فبادروا إلى الدار التي دلوهم عليها وهجموها ، فلما رآهم بادر إلى الصلاة فقتلوه ، وكان مقتله يوم الثلاثاء لست بقين من شهر رمضان سنة ست عشرة وثلاثمائة في أيام المقتدر بالله ، فكانت مدة مملكته ثنتى عشرة سنة وشهراً وأياماً ، على ما فيها من الاختلاف عليه وقيام من ذكرنا .
ملك أسفار جرجان
ولما قتل الداعي ملك أسفار جرجان ، وأبو موسى هارون بن بهرام طبرستان ، والدعوة فيها لنصر بن أحمد الساماني ، فأجمع رأيهما على نصب أبي جعفر محمد بن أحمد الناصر آمل ، فنصباه وألبساه القلنسوة ، والدعوة لنصر لم تقطع ، وبلغ نصرا الخبر فأنكر على أسفار غاية الإنكار ، وأمره بالقبض عليه والبعث به إليه ، ففعل أسفار ذلك وبلغ ما كان الخبر وهو بالري ، فسار إلى طبرستان فهرب هارون منها إلى الديلم ، وأظهر ما كان ما هو عليه من التشيع ، ونصب إسماعيل بن جعفر بن الناصر ، فتوفي بعد مدة ووقعت فترة لم يل فيها أحد من العلويين ، ثم تخلص بعد ذلك أبو الفضل جعفر بن محمد ابن الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب من حبس نصر بن أحمد ، وهو ممن قبض عليه أسفار بن شيروية مع أبي جعفر بن الناصر ، وسار إلى بلد الجيل وابتدأ في الدعاء لنفسه بها في سنة عشرين وثلاثمائة ونعت نفسه بالثائر بالله ، وكان ذا حزم وتدبير ، وساعدته الأقدار فخرج من بلد الجيل ، قاصداً طبرستان في سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة وبها الأستاذ أبو الفضل بن العميد ، وزير ركن الدولة بن بوية ، وأبو