كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 59 """"""
الباب الثامن من القسم الخامس من الفن الخامس في أخبار الزنج والقرامطة والخوارج ببلاد الموصل
وإنما أفردنا هؤلاء بباب ، لأنهم ممن شاع ذكرهم وعظم محلهم وطار اسمهم ، واستولوا على كثير من البلاد وهزموا الجيوش ، وأهم الخلافة أمرهم ، وطالت مدتهم ولم يكونوا في أيام خليفة واحد ، فلونذكرهم في حوادث دولته ، وإنما هم في أيام جماعة من الخلفاء ، فلو ذكرناهم في حوادث أيامهم لانقطعت أخبارهم ، وعثر على المطالع معرفتها ، فلذلك أفردناهم لتكون أخبارهم سياقة ، لا تنقطع بغيرها من الأخبار .
ذكر أخبار صاحب الزنج وابتداء أمره وسبب خروجه
كان خروجه في شوال سنة خمس وخمسين ومائتين - في خلافة المهتدي بالله - بفرات البصرة ، وزعم أنه علي بن محمد بن أحمد بن علي بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وجمع الزنج اللذين كانوا يكسحون السباخ ، وعبر دجلة فنزل الديناري . قال أبو جعفر الطبري : وكان اسمه علي بن محمد بن عبد الرحيم ، ونسبه في عبد القيس ، وأمه ابنة علي بن رحيب بن محمد بن حكيم من أهل الكوفة ، وهو أحد الخارجين على هشام بن عبد الملك ، مع زيد بن علي بن الحسين ، فلما قتل زيد هرب والتحق بالري ، فجاء إلى قرية ورزنين فأقام بها ، وجده عبد الرحيم رجل من عبد القيس ، كان مولده بالطالقان وقدم العراق ، واشترى جارية فأوكدها محمداً أباه .
قال : وكان صاحب الزنج هذا في ابتداء أمره متصلاً بجماعة من حاشية المنتصر ، منهم غانم الشطرنجي وسعيد الصغير ، وكان معاشه منهم ومن أصحاب السلطان ، وكان يمدحهم ويستميحهم بشعره ثم إنه شخص من سامرا سنة تسع