كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
حتى يملأ عينه منك ثم حسبك ، وإياك أن يراك ما دام يأكل ؛ وخرج المنصور إلى الحج ، فلما لقيه بنو الحسن أجلس عبد الله إلى جانبه ، ثم دعا بالغداء فأصابوا منه ثم رفع ، فأقبل المنصور على عبد الله بن حسن فقال له : قد علمت ما أعطيتني من العهود والمواثيق ألا تبغني سوءاً ، ولا تكيد لي سلطاناً ، قال : فأنا على ذلك يا أمير المؤمنين ، فلحظ المنصور عقبة بن سلم ، فاستدار حتى وقف بين يدي عبد الله ، فأعرض عنه ، فاستدار حتى قام وراء ظهره فغمزه بإصبعه ، فرفع رأسه فملأ عينه منه ، فوثب حتى قعد بين يدي المنصور ، وقال : أقلني يا أمير المؤمنين أقالك الله ، قال : لا أقالني الله إن أقلتك ، ثم أمر بحبسه .
وكان محمد قد قدم قبل ذلك البصرة فنزلها في بني راسب ، يدعو إلى نفسه ، وقيل نزل على عبد الله بن شيبان - أحد بني مرة بن عبيد ، ثم خرج منها ، فبلغ المنصور مقدمة البصرة ، فسار إليها مجدان ، فلقيه عمر بن عبيد ، فقال له : يا أبا عثمان ، هل بالبصرة أحد نخافه على أمرنا ، قال : لا ، قال : فاقتصر على قولك وأنصرف ؟ قال : نعم ، وكان محمد قد سار عنها قبل مقدم المنصور ، فرجع المنصور واشتد الخوف على محمد وإبراهيم ابني عبد الله ، فخرجا حتى أتيا عدن ، ثم صار إلى السند ثم إلى الكوفة ثم إلى المدينة .
وكان المنصور حج سنة أربعين ومائة ، فقسم أموالاً عظيمة في آل أبي طالب ، فلم يظهر محمد وإبراهيم ، فسأل أباهما عبد الله عنهما فقال : لا أعلم لي بهما ، فتغالظا فأمصه المنصور ، فقال امصص كذا وكذا من أمك فقال عبد الله : يا أبا جعفر بأي أمهاتي تمصني أبفاطمة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ أم بفاطمة بنت الحسين بن علي ؟ أم بأم إسحاق بنت طلحة ؟ أم بخديجة بنت خويلد ؟ قال لا بواحدة منهن ، ولكن بالجرباء بنت قسامة بن زهير ، وهي امرأة من طيء ، فقال المسيب بن زهير : يا أمير المؤمنين دعني أضرب عنق ابن الفاعلة ، فقام زياد بن عبيد الله فألقى عليه رداءه ، وقال : هبه لي يا أمير المؤمنين ، فأنا أستخرج لك ابنيه ، فخلصه . وكان محمد وإبراهيم ابنا عبد الله قد تغيبا حين حج المنصور سنة أربعين ومائة عن المدينة ، وحجا أيضاً ، فاجتمعوا كلهم بمكة وأرادوا اغتيال المنصور ، فقال لهم الأشتر عبد الله بن محمد : أنا أكفيكموه ، فقال محمد : لا والله لا أقتله علية أبداً حتى

الصفحة 6