كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 62 """"""
تجتمع إليه إلى يوم الفطر ، فخطبهم وصلى بهم وذكرهم ما كانوا فيه من الشقاء وسوء الحال ، وأنّ الله تعالى أنقذهم من ذلك ، وأنه يريد أن يرفع أقدارهم ويملكهم العبيد والأموال ، فلما كان بعد يومين رأى أصحاب الحميري ، فقاتلوه حتى أخرجوه من دجلة ، فاستأمن إلى صاحب الزنج رجل يكنى بأبي صالح ويعرف بالقصير ، في ثلاثمائة من الزنج ، فلما كثروا جعل القواد منهم ، وقال لهم : من أتى منكم برجل فهو مضموم إليه ، وكان ابن أبي عوم قد نقل من واسط إلى ولاية الأبلة وكور دجلة ، وسار قائد الزنج إلى المحمدية ، فلما نزلها وافاه أصحاب ابن أبي عون ، فصاح الزنج : السلاح وقاموا وكان منهم فتح الحجام ، فقام وأخذ طبقاً كان بين يديه ، فلقيه رجل من الشورجيين يقال له بلبل ، فلما رآه فتح حمل عليه وحذفه بالطبق الذي بيده ، فرمى سلاحه وولى هارباً ، وانهزم أصحابه وكانوا أربعة آلاف ، وقتل منهم جماعة ومات بعضهم عطشاً ، وأسر منهم فضرب أعناقهم ، ثم سار إلى القادسيّة فنهبها أصحابه بأمره ، وما زال يتردد إلى أنهار البصرة ، فوجد السودان داراً لبعض بني هاشم فيها سلاح فانتهبوه ، فصار معهم ما يقاتلون به . فأتاه وهو بالسيب جماعة من أهل البصرة يقاتلونه ، فوجه يحيى بن محمد في خمسمائة رجل فلقوا البصريين ، فانهزم البصريون منهم وأخذوا سلاحهم ، ثم قاتل طائفة أخرى عند قرية تعرف بقرية اليهود ، فهزمهم أيضاً ، وأثبت أصحابه في الصحراء ، ثم أسري إلى الجعفرية فوضع في أهلها السيف ، فقتل أكثرهم وأتى منهم أسرى فأطلقهم ، وألقى جيشاً كبيراً للبصريين مع رميس وعقيل ، فهزمهم وقتل منهم خلقاً كثيراً ، وكان معهم سفن فهبت ريح فألقتها إلى الشط ، فنزل الزنج وقتلوا من وجدوا فيها وغنموا ما فيها ، وكان معه رميس سفن فركبها ونجا ، فأنفذ صاحب الزنج فأخذها ونهب ما فيها ، ثم نهب القرية المعروفة بالمهلبية وأحرقها ، وعاث في الأرض وأفسد ، ثم لقيه قائد من قواد الأتراك ، يقال له أبو هلال في أربعة آلاف مقاتل ، فاقتتلوا على نهر الريان ، فحمل السودان عليهم حملة صادقة ، فقتلوا صاحب علمه فانهزم أبو