كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 65 """"""
نسائهم ، وهذا اليوم يسمى يوم الشذا - وهو يوم أعظمه الناس ، وكان فيمن قتل جماعة من بني هاشم وغيرهم في خلق كثير لا يحصى ، وجمعت الرؤوس لصاحب الزنج ، فأتاه جماعة من أولياء المقتولين فأعطاهم ما عرفوا ، وجمع الرؤوس التي تطلب في جريبيه وأطلقها ، فوافت البصرة فجاء الناس وأخذوا كل ما عرفوه منها ، وقوى صاحب الزنج بعد هذا اليوم ، وتمكن الرعب في قلوب أهل البصرة وأمسكوا عن حربه ، وكتب الناس إلى الخليفة بخبر ما كان ، فوجه إليهم جعلان التركي مددا ، وأمر بالأحوص الباهلي بالمصير إلى الأبله والبا ، وأمده بقائد من الأتراك يقال له جريح ، وانصرف صاحب الزنج بأصحابه في آخر النهار إلى سبخة - وهي سبخة أبي قرة - وبث أصحابه يميناً وشمالاً للغارة والنهب . ووصل جعلان إلى البصرة في سنة ست وخمسين ومائتين ، ونزل بمكان بينه وبين صاحب الزنج فرسخ ، وخندق عليه وعلى أصحابه وأقام ستة أشهر في خندقه ، وجعل يوجه الزيني وبني هاشم ومن خف لحرب الزنج ، ثم سار جعلان للقائه فلم يكن بينهم إلا الرمي بالحجارة والسهام ، ولا يجد جعلان إلى لقائه سبيلا لضيق المكان عن مجال الخيل ، وكان أكثر أصحاب جعلان خيالة ، فلما طال مقامه في خندقه أرسل صاحب الزنج أصحابه إلى مسالك الخندق ، فبينوا حعلان وقتلوا من أصحابه جماعة ، وخاف الباقون خوفاً شديداً ، وكان الزيني قد جمع البلالية والسعدية ووجه بهم من مكانين ، وقتلوا صاحب الزنج فظفر بهم وقتل منهم مقتله عظيمة ، فترك جعلان خندقه وسار إلى البصرة ، وظهر عجزه للسلطان فصرفه عن حرب الزنج ، وأمر سعيد الحاجب بمحاربتهم ، وتحول صاحب الزنج بعد ذلك من السبخة - التي كان فيها - ونزل بنهر أبي الخصيب ، وأخذ أربعة وعشرين مركبا من مراكب البحر ، وأخذ منها أموالاً عظيمة لا تحصى ، وقتل من فيها وأنهبها أصحابه ثلاثة أيام ، وأخذ لنفسه بعد ذلك من النهب .
ذكر دخول الزنج الأبله
وفي سنة ست وخمسين ومائتين دخل الزنج الأبله ، فقتلوا فيها خلقاً كثيراً وأحرقوها ، وكان سبب ذلك أن جعلان لما تنحى عن خندقه إلى البصرة ألح صاحب

الصفحة 65