كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 66 """"""
الزنج بالغارات على الأبله ، وجعلت سراياه تضرب إلى ناحية نهر معقل ، ولم يزل يحارب إلى يوم الأربعاء لخمس بقين من شهر رجب فافتتحها ، وقتل بها الأحوص وعبد الله ابن حميد الطوسي وأضرمها ناراً ، وكانت مبنية بالساج فأسرعت النار فيها ، وقتل من أهلها خلق كثير ، وفرق الأموال العظيمة ، وكان ما أحرقت النار أكثر من الذي نهب .
قال : ولما اتصل خبر أهل الأبله بأهل عبادان راسلوا صاحب الزنج في طلب الأمان ، على أن يسلموا إليه البلد ، فأمنهم وسلموه إليه وأخذ ما فيه من الأموال ، ففرقه في أصحابه .
ذكر أخذ الزنج الأهواز
قال : ولما فرغ صاحب الزنج من الأبله وعبادان طمع في الأهواز ، واستنهض أصحابه وسار إليها ، فهرب من بها من الجند ومن أهلها ولم يبق إلا القليل ، فدخلها وأخربها ، وكان بها إبراهيم بن المدبر يتولى الخراج فأخذوه أسيراً ، بعد أن قاتل وجرح ونهب جميع ماله ، وذلك لإثنتي عشرة ليلة مضت من رمضان من السنة ، فخافه أهل البصرة وانتقل كثير من أهلها إلى البلدان .
وأما إبراهيم بن المدبر فإن صاحب الزنج وكل به وحبسه في بيت يحيى بن محمد البحراني ، فكان به سنة سبع وخمسين ومائتين ، فأرغب الموكلين به بمال فأطلقوه ، فخرج هو وابن أخ له ورجل هاشمي .
ذكر انهزام الزنج من سعيد الحاجب وغلبة الزنج
في شهر رجب سنة سبع وخمسين ومائتين أوقع سعيد الحاجب بجماعة من الزنج ، فهزمهم واستنقذ من معهم ، وذلك في خلافة المعتمد على الله بن المتوكل ، فكانت المرأة من نساء تلك الناحية تأخذ الزنجي فتأتي به عسكر سعيد فلا يمتنع عليها ، ثم عبر سعيد إلى غرب دجلة فأوقع بصاحب الزنج عدة وقعات ، ثم عاد إلى معسكره بهطمة فأقام من ثاني رجب إلى آخر شعبان .