كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 68 """"""
حربه بعد تلك الوقعة التي ذكرها ، واقتصر على تخفير القيروانات والسفن ، فامتنع أهل البصرة فعظم ذلك على صاحب الزنج ، فتقدم إلى علي بن أبان بالمقام بالخيزرانية ليشغل منصورا عن تسيير القيروانات ، وكان علي بنواحي جي والخيزرانية ، ثم أمر محمد بن يزيد الداري - وهو أحد من صحبه بالبحرين - أن يخرج إلى الأعراب فيجمعهم ، فخرج إليهم فأتاه منهم خلق كثير فأناخوا بالقندل ، ووجه إليهم سليمان بن موسى الشعراني ، وأمرهم بطرق البصرة والإيقاع بها ليتمرن الأعراب على ذلك ، ثم انهض علي بن أبان وضم إليه طائفة من الأعراب ، وأمره باتيان البصرة من ناحية بني سعد ، وأمر يحيى بن محمد البحراني بإتيانها من ناحية نهر عدي وضم إليه سائر الأعراب ، فكان أول من واقع أهل البصرة على بن أبان ، وبغراج يومئذ بالبصرة في جماعة من الجند ، فأقام يقاتلهم يومين ومال الناس نحوه ، وأقبل يحيى بن محمد فيمن معه نحو الجسر ، فدخل على بن أبان البصرة وقت صلاة الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقيت من شوال ، فأقام يقتل ويحرق يوم الجمعة وليلة السبت ويوم السبت ، ثم عاد يحيى إلى البصرة يوم الأحد فتلقاه بغراج في جمع ، فردوه يومه ذلك ، ثم غاداهم يوم الإثنين فدخل وقد تفرق الجند ، وانحاز بغراج ومن معه ، ولقيه إبراهيم بن يحيى المهلبي فاستأمنه لأهل البصرة فأمنهم ، فنادى إبراهيم : من أراد الأمان فليحضر دار إبراهيم ، فحضر أهل البصرة قاطبة حتى ملئوا الرحاب اجتماعهم انتهز الفرصة لئلا يتفرقوا فغدر بهم ، وأمر أصحابه بقتلهم فكان السيف يعمل فيهم وأصواتهم مرتفعة بالشهادة ، فقتل ذلك الجمع كله ولم يسلم منهم إلا النادر ، ثم انصرف يومه ذلك ، ودخل علي بن أبان إلى الجامع فأحرقه ، وأحرقت البصرة من عدة مواضع ، واتسع الحريق من الجبل إلى الجبل ، وعظم الخطب وعمها القتل والنهب والإحراق ، وقتلوا كل من رأوه بها ، فمن كان من أهل اليسار أخذوا ماله وقتلوه ، ومن كان فقيراً قتلوه لوقته ، فبقوا كذلك عدة أيام ، ثم أمر يحيى أن ينادي بالأمان ليظهروا فلم يظهر أحد ، ثم انتهى الخبر إلى صاحب الزنج فصرف على بن أبان عنها ، وأقر يحيى عليها لموافقته هواه في كثرة القتل ، وصرف علياً

الصفحة 68