كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 7 """"""
أدعوه ، فنقض ما كانوا أجمعوا عليه ، وكان قد دخل معهم قائد من قواد المنصور من أهل خراسان - اسمه خالد بن حسان يدعى أبا العساكر - على ألف رجل ، فنمى الخبر إلى المنصور فطلب القائد فلم يظفر به ، وظفر بأصحابه فقتلهم ، وأما القائد فإنه لحق بمحمد بن عبد الله فسيره إلى خراسان ، ومعه ابنه عبد الله بن محمد ، ثم إن المنصور حث زياد بن عبيد الله على طلب محمد وإبراهيم ، فضمن له وذلك ووعده به ، فقدم محمد بن عبد الله المدينة قدمة ، فبلغ ذلك زياداً فتلطف له وأعطاه الأمان ، على أن يظهر وجهه للناس ، فوعده محمد ذلك ، فركب زياد مغلساً ووعد محمداً سوق ظهر ، وركب محمد فتصايح الناس : يا أهل المدينة ، المهدي المهدي ، فوقف هو وزياد فقال زياد : يا أيها الناس هذا محمد بن عبد الله بن حسن ، ثم قال : الحق بأي بلاد الله شئت ، فتوارى محمد ؛ وسمع المنصور الخبر فأرسل أبا الأزهر في جمادي الآخرة سنة إحدى وأربعين ومائة إلى المدينة ، وأمره : أن يستعمل على المدينة عبد العزيز بن المطلب ، وأن يقبض زياداً وأصحابه ويسير بهم إليه ، فقدم أبو الأزهر المدينة ففعل ما أمره ، وأخذ زياداً وأصحابه وسار بهم نحو المنصور ، وخلف زياد ببيت مال المدينة ثمانين ألف دينار ، فسجنهم المنصور ثم من عليهم بعد ذلك .
واستعمل المنصور على المدينة محمد بن خالد بن عبد القسري ، وأمره بطلب محمد بن عبد الله وبسط يده بالنفقة في طلبه ، فقدم المدينة في شهر رجب سنة إحدى وأربعين ومائة ، فأخذ المال ، ورفع في محاسبته أموالاً كثيرة أنفقها في طلب محمد ، فاستبطأه المنصور وأتهمه ، فكتب إليه يأمره بكشف المدينة وأعراضها ، فطاف ببيوت الناس فلم يجد محمداً ، فلما رأى المنصور ما قد أخرج من الأموال ولم يظفر بمحمد استشار أبا السعلاء - رجلاً من قيس عيلان - في أمر محمد وأخيه ، فقال : أرى أن تستعمل رجلاً من ولد الزبير أو طلحة فإنهم يطلبونهما بذحل ، ويخرجونهما إليك ، فقال : قاتلك الله ، ما أجود ما رأيت والله ما خفي على هذا ، ولكني أعاهد الله ألا أنتقم من بني عمي وأهل بيتي بعدوي وعدوهم ، ولكني أبعث عليهم صعيليكاً من العرب يفعل بهم ما قلت ، فاستشار يزيد بن أسيد السلمي ، وقال له : دلني على فتى مقل من قيس أغنية وأشرفه ، وأمكنه من سيد اليمن - يعني ابن القسري - وقال : نعم ، رياح بن عثمان بن حيان المري ، فسيره المنصور أميراً على المدينة في شهر رمضان سنة أربع وأربعين ومائة ؛ وقيل إن رياحاً

الصفحة 7