كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 71 """"""
قائد الجيش فأخبروه أنه أبو أحمد ، ومات مفلح من ذلك السهم ولم يلبث صاحب الزنج إلا يسيراً حتى وافاه علي بن أبان ، ثم رحل الموفق إلى الأبلة ليجمع ما فرقته الهزيمة ثم صار إلى نهر أبي الأسد .
ذكر مقتل يحيى بن محمد البحراني
وفي سنة ثمان وخمسين ومائتين أيضاً أسر يحيى بن محمد البحراني قائد صاحب الزنج ، وكان سبب ذلك أنه لما سافر نحو العباس لقيه عسكر اصفجون ، عامل الأهواز بعد منصور ، فقاتلهم وكان أكثر منهم عدداً ، فنال ذلك العسكر من الزنج بالنشاب وجرحوهم ، فعبر يحيى النهر إليهم فانحازوا عنه ، وغنم سفناً كانت مع العسكر فيها الميرة ، وساروا بها إلى عسكر صاحب الزنج ، على غير الوجه الذي فيه علي بن أبان لتحاسد كان بينه وبين يحيى ، ووجه طلائعه إلى دجلة فلقيهم جيش أبي أحمد الموفق ، سائرين إلى نهر أبي الأسد ، فرجعوا إلى علي فأخبروه بمجيء الجيش ، فرجع من الطريق الذي كان سلكه وسلك طريق نهر العباس ، وعلى فم النهر مراكب تحميه من عسكر الخليفة ، فلما رآهم يحيى راعه ذلك ، وخاف أصحابه فنزلوا السفن وعبروا النهر ، وبقي يحيى ومعه بضعة عشر رجلاً ، فقاتلهم هو وذلك النفر اليسير فرموهم بالسهام ، فجرح ثلاث جرحات فلما جرح تفرق أصحابه عنه ، فرجع حتى دخل بعض السفن وهو مثخن بالجراح ، وأخذ أصحاب السلطان الغنائم وأخذوا السفن ، وعبروا إلى سفن كانت للزنج فأحرقوها ، وتفرق الزنج عن يحيى في بقية نهارهم ، فلما رأى تفرقهم ركب سميرية وأخذ معه طبيباً لأجل الجراح ، وسار فيها فرأى الملاحون سميريات السلطان فخافوا فألقوا يحيى ومن معه ، فمشى وهو مثقل وقام الطبيب الذي معه فأتى أصحاب السلطان ، فأخبرهم خبره فأخذوه وحملوه إلى أبي أحمد ، فحمله أبو أحمد إلى سامراً فقطعت يداه ورجلاه ثم قتل ، فجزع صاحب الزنج عليه جزعاً شديداً وقال لهم لما قتل يحيى : اشتد جزعي عليه فخوطبت أن قتله كان خيراً لك ، إنه كان شرها .