كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 72 """"""
ذكر عود أبي أحمد الموفق إلى سامرا واستخلافه محمد المولد على حرب الزنج
وفي هذه السنة أيضاً انحاز أبو أحمد الموفق إلى واسط ، ثم منها إلى سامرا ، وكان سبب ذلك أنه لما صار إلى نهر أبي الأسد كثرت الأمراض في أصحابه وكثر فيهم الموت ، فرجع إلى باذاورد فأقام هناك ، وأمر بإعطاء الجند أرزاقهم وإصلاح الآلات والسميريات وشحنها بالقواد ، وعاد إلى عسكر صاحب الزنج ، وأمر جماعة من قواده بقصد مواقع سماها من نهر أبي الخطيب وغيره ، وبقي معه جماعة ، فمال أكثر ، الخلق حتى التقى الناس ونشبت الحرب إلى نهر أبي الخطيب ، وبقي أبو أحمد في قلة من أصحابه ، فلم يزل عن موضعه خوفاً أن يطمع الزنج فيه ، ولما رأى الزنج قلة من معه طمعوا فيه وكثروا عليه ، واشتدت الحرب عنده وكثر القتل والجراح ، وأحرق أصحاب بني أحمد منازل الزنوج ، واستنقذوا من النساء جمعاً كثيراً ، ثم ألقى الزنج جدهم نحوه ، فلما رأى أبو أحمد ذلك علم أن الحزم في المحاجزة ، فأمر أصحابه بالرجوع إلى سفنهم على مهل وتؤدة ، واقتطع الزنج طائفة من أصحابه فقاتلوهم ، فقتلوا من الزنج خلقاً كثيراً ثم قتلوا بأجمعهم ، وحملت رؤوسهم إلى قائد الزنج ، وهي مائة رأس وعشرة أروس ، فزاد ذلك من عتو صاحب الزنج ، فعبي أبو أحمد أصحابه للرجوع إلى الزنج ، فوقعت نار في أطراف عسكره في يوم ريح عاصف ، فاحترق كثير منه فرحل إلى واسط ، فلما نزل إلى واسط تفرق عنه عامة أصحابه ، فسار منها إلى سامرا ، واستخلف على واسط لحرب الزنج محمد المولد ، ثم عاد الموفق بعد ذلك لحرب الزنج ، على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
ذكر دخول الزنج الأهواز ومسير موسى بن بغا لحربهم
قال : وفي سنة تسع وخمسين ومائتين في شهر رجب دخل الزنج الأهواز ، وذلك أن صاحبهم أنفذ علي بن أبان وضم إليه الجيش ، الذي كان مع يحيى البحراني وسليمان بن موسى الشعراني ، وسيره إلى الأهواز ، وكان المتولي عليها بعد منصور بن جعفر رجلاً يقال له اصغجون ، فبلغه خبر الزنج فخرج إليهم ، والتقى العسكران

الصفحة 72