كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 75 """"""
في خمسين ومائة سميرية ، وكان مسرور البلخي قد وجه قبل مسيره عن واسط جماعة من أصحابه أن يتحصن في عقر ما وراء طهيثا والأدغال التي فيها ، وكرهوا خروجه عنهم لموافقته في فعله وخافوا السلطان ، فسار فنزل إليه بقربة مروان بالجانب الشرقي من نهر طهيثا وجمع إليه رؤساء الباهليين ، وكتب إلى صاحب الزنج يعلمه بما صنع ، فكتب إليه يصوب رأيه ويأمره بإنفاذ ما عند من ميرة ونعم ، فأنفذ ذلك إليه .
وورد الخبر على سليمان أن أغرتميش وخشيشاً قد أقبلا في الخيل والرجال والسميريات والشذاة يريدون حربه ، فجزع جزعاً شديداً ، فلما أشرفوا عليه ورآهم أخذ جمعاً من أصحابه ، وسار راجلا واستدبر أغرتميش ، وجد أغرتميش في المسير إلى عسكر سليمان ، وكان سليمان قد أمر الذي استخلفه في جيشه ألا يظهر منهم أحد لأصحاب أغرتميش ، وأن يخفوا أنفسهم ما قدروا إلى أن يسمعوا أصوات طبولهم ، فإذا سمعوها خرجوا عليه ، وأقبل أغرتميش إليهم فجزع أصحاب سليمان جزعاً شديداً فتفرقوا ، ونهضت شرذمة منهم فواقعوهم وشغلوهم عن دخول العسكر ، وجاء سليمان من خلفهم وضرب طبوله ، وألقوا أنفسهم في الماء للعبور إليهم ، فانهزم أصحاب أغرتميش وظهر من كان من السودان بطهيثا ، ووضعوا السيوف فيهم فقتل خشيش وانهزم أغرتميش ، وتبعه الزنوج إلى عسكره فنالوا حاجتهم منه ، وأخذوا شذوات فيها مال وغيره ، فعاد أغرتميش إليهم فانتزعها من أيديهم ، وعاد سليمان وقد ظفر وغنم وكتب إلى صاحب الزنج بالخبر وسير إليه رأس خشيش ، فسيره إلى علي بن أبان وهو بنواحي الأهواز ، وسير سليمان سرية فظفروا بإحدى عشرة شذاة وقتلوا أصحابها .
ثم كانت للزنج وقعة عظيمة انهزموا فيها في سنة اثنتي وستين أيضاً . وكانت هذه الوقعة مع أحمد بن ليثوية ، وكان سببها أن مسروراً البخلي وجه أحمد بن ليثوية إلى كور الأهواز ، فنزل السوس وكان يعقوب الصفار - المستولي على خراسان - قد قلد محمد بن عبد الله ابن هزار مرد الكردي كور الأهواز ، فكاتب محمد قائد الزنج يطمعه في الميل إليه ، وأوهمه أنه يتولى له كور الأهواز ، وكان