كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 76 """"""
محمد يكاتبه قديماً ، وعزم على مداراة الصفار وقائد الزنج ، حتى يستقيم له الأمر فيها ، فكاتبه صاحب الزنج يجيبه إلى ما سأل ، على أن يكون علي بن أبان المتولي للبلاد ، ومحمد بن عبيد الله يخلفه عليها ، فقبل محمد ذلك ، فوجه إليه علي بن أبان جيشاً وأمدهم محمد بن عبيد الله ، فساروا نحو السوس فمنعهم أحمد بن ليثوية ومن معه من جند الخليفة عنها ، وقاتلهم فقتل خلقاً كثيراً وأسر جماعة ، وسار أحمد حتى جندي سابور ، وسار علي بن أبان من الأهواز منجداً محمد بن عبيد الله على أحمد بن ليثوية ، فلقيه محمد في جيش كثير من الأكراد والصعاليك ، ودخل محمد تستر ، فانتهى إلى أحمد بن ليثوية الخبر بتضافرهما على قتاله ، فخرج عن جندي سابور إلى السوس ، وكان محمد قد وعد علي بن أبان أن يخطب لصاحبه قائد الزنج يوم الجمعة على منبر تستر ، فلما علم علي بن أبان ذلك انصرف إلى الأهواز ، وهدم قنطرة كانت هناك لئلا تلحقه الخيل ، وانتهى أصحاب علي إلى عسكر مكرم فنهبوها ، وكانت داخلة في سلم صاحب الزنج فغدوا بها ، وسار إلى الأهواز ، فلما علم أحمد ذلك أقبل إلى تستر ، فأوقع بمحمد بن عبيد الله ومن معه ، فانهزم محمد ودخل أحمد تستر ، وأتت الأخبار على بن أبان أن أحمد على قصده ، فسار إلى لقائه ومحاربته فالتقيا واقتتل العسكران ، فاستأمن جماعة من الأعراب ، الذين كانوا مع علي بن أبان - إلى أحمد بن ليثوية ، فانهزم باقي أصحاب علي وثبت معه جماعة يسيره ، فاشتد القتال وترجل على بن أبان وباشر القتال راجلا ، فعرفه بعض أصحاب أحمد فأنذر به ، فلما عرفوه انصرف هارباً ، وأتاه بعض أصحابه بسميرية فركب فيها ونجا مجروحاً ، وقتل من أصحابه جماعة كثيرة ، وعاد إلى الأهواز ولم يقم بها ، ومضى إلى عسكر صاحبه يداوي جراحه ، واستحلف على عسكره بالأهواز ، فلما برئت جراحه عاد إلى الأهواز ، ووجه أخاه الخليل بن أبان في سنة ثلاث وستين ومائتين في جيش كثيف إلى أحمد بن ليثوية ، وكان أحمد بعسكر مكرم فكمن لهم أحمد وخرج إلى قتالهم ، فالتقى الجمعان واقتتلوا أشد القتال ، وخرج الكمين على الزنج فانهزموا وتفرقوا وقتلوا ، ووصل المنهزمون إلى علي بن أبان ، فوجه علي مسلحة إلى المسرقان ، فوجه إليهم أحمد بن ليثوية ثلاثين فارساً من أعيان أصحابه فقتلهم الزنج جميعهم .