كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 8 """"""
ضمن للمنصور أن يخرج محمداً وإبراهيم ابني عبد الله ، إن استعمله على المدينة ، فاستعمله عليها ، فسار حتى دخلها ، فلما دخل دار مروان ، وهي التي كان ينزلها الأمراء قال لحاجب كان له ، يقال له أبو البختري ، هذه دار مروان ؟ قال : نعم ، قال أما إنها محلال مظعان ، ونحن أول من يظعن منها ، فلما تفرق الناس عنه قال لحاجبه أبي البختري : خذ بيدي فدخل على هذا الشيخ - يعني عبد الله بن الحسن - فدخلا عليه ، فقال له رياح : أيها الشيخ ، إن أمير المؤمنين - والله - ما استعملني لرحم قريبة ، ولا ليد سلفت إليه مني ، والله لا لعبت بي كما لعبت بزياد وابن القسري ، والله لأزهقن نفسك أو لتأتيني بابنيك محمد وإبراهيم ، فرفع عبد الله رأسه إليه وقال نعم ، أما والله إنك لأزيرق قيس المذبوح فيها كما تذبح الشاة ، قال ، أبو البختري : فانصرف - والله - رياح آخذاً بيدي أجد برديدة ، وإن رجليه لتخطان الأرض مما كلمه ، قال : فقلت له : إن هذا ما اطلع على الغيب ، قال : أيهاً ويلك ، فو الله ما قال إلا ما سمع ، فذبح كما تذبح الشاة ، ثم إنه دعا القسري وسأله عن الأموال ، فضربه وسجنه ، وجد رياح في طلب محمد ، فأخبر أنه في شعب من شعاب رضوى ، جبل جهينة ، وهو في عمل ينبع ، فأمر عامله بطلب محمد ، فطلبه بالخيل والرجل ، ففزع منه محمد فهرب راجلاً فأفلت ، وله ابن صغير ولد في خوفه ذلك ، وهو مع جارية له ، فسقط من الجبل فتقطع ، فقال محمد :
منخرق السربال يشكو الوجى . . . تنكبه أطراف مرو حداد
شرده الخوف فأزرى به . . . كذاك من يكره حر الجلاد قد كان في الموت له راحةٌ . . . والموت حتم في رقاب العباد
قال : وبينا رياح يسير بالحرة إذ لقي محمداً ، فعدل محمد إلى بئر هناك فجعل يستقي ، فقال رياح : قاتله الله أعرابياً ما أحسن ذراعه .

الصفحة 8