كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 80 """"""
قال : ثم إن علياً قدم عليه جماعة من قواد الزنج ، فأمرهم بالمقام بقنطرة فارس ، فهرب منهم غلام رومي إلى تكين وأخبره بمقامهم بالقنطرة ، وتشاغلهم بالنبيذ وتفرقهم في جمع الطعام ، فسار تكين إليهم ليلاً فأوقع بهم ، وقتل من قوادهم جماعة وانهزم الباقون ، وسار تكين إلى علي بن أبان فلم يقف له علي وانهزم ، وأسر غلام له يعرف يجعفروية ورجع علي إلى الأهواز ورجع تكين إلى تسير ، وكتب علي إلى تكين يسأله الكف عن قتل غلامه فحسبه ، ثم تراسل علي وتكين ونهاديا ، فبلغ الخبر مسرورا بميل تكين إلى الزنج ، فسار حتى وافى تكين وقبض عليه وحبسه حتى مات ، وتفرق أصحاب تكين : ففرقة صارت إلى الزنج ، وفرقه صارت إلى محمد بن عبيد الله الكردي ، فبلغ ذلك مسروراً فأمنهم ، فجاءه الباقون منهم . قال : وبعض ما ذكرناه كان في ست وستين ومائتين .
وفي سنة ست وستين ولى أغرتميش ما كان يتولاه تكين البخاري من أعمال الأهواز ، فدخل تستر ومعه أبا ومطر بن جامع ، فقتل مطر جعفروية - غلام علي بن أبان - وجماعة معه كانوا مأسورين ، وساروا إلى عسكر مكرم ، واتاهم الزنج هناك مع علي بن أبان فاقتتلوا ، فلما رأوا كثرة الزنج قطعوا الجسر وتحاجزوا ، ورجع علي إلى الأهواز وأقام أخوه الخليل بالمسرقان في جماعة كثيرة من الزنج ، وسار أغرتميش ومن معه نحو الخليل ، ليعبروا إليه من قنطرة أربك ، فكتب إلى أخيه علي فوافاه في النهر ، وخاف أصحابه الذين خلفهم بالأهواز فارتحلوا إلى نهر السدرة ، وتحارب علي وأغرتميش يومه ، ثم انصرف علي إلى الأهواز فلم يجد أصحابه ، فرجه من يردهم من نهر السدرة ، فعسر عليهم ذلك فتبعهم وأقام معهم ورجع أغرتميشن فنزل عسكر مكرم واستعد لقتالهم ، وبلغ ذلك أغرتميش ومن معه من عسكر الخليفة ، فساروا إليه فكمن لهم علي ، وقدم الخليل إلى قتالهم فاقتتلوا ، فكان أول النهار لأصحاب الخليفة ، ثم خرج عليهم الكمين فانهزموا وأسر مطر بن جامع وعدة من القواد ، فقتله علي بغلامه جعفروية وعاد إلى الأهواز ، وأرسل رؤوس القتلى إلى صاحب الزنج ، وكان علي وأغرتميش بعد ذلك في حروبهم على السواء ، وصرف صاحب الزنج أكثر جنوده إلى علي بن أبان ، فلما رأى ذلك أغرتميش وادعه ، وجعل علي يغير على النواحي ، فأغار على قرية بيروذ ونهبها ، ووجه الغنائم إلى صاحبه .

الصفحة 80