كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 82 """"""
إليها فلم يظفر بها ، فرجع وعمل السلاليم والآلات التي يصعد بها إلى السور ، واستعد لقصدها فعرف ذلك مسرور البلخي ، وهو يومئذ بكور الأهواز ، فلما سار علي إليها سار مسرور ، فوافاه قبل المغرب وهو نازل عليها ، فلما عاين الزنج أوائل خيل مسرور انهزموا أقبح هزيمة ، وتركوا ما كانوا أعدوه وقتل منهم كثير ، وانصرف علي مهزوماً ، فلم يلبث إلا يسيراً حتى أتته الأخبار بإقبال الموفق ، ولم يكن لعلي بعدها وقعة ، حتى فتحت سوق الخميس وطهيثا على الموفق ؛ على ما نذكره إن شاء الله ، فكتب إليه صاحبه يأمره بالعود إليه ويستحثه حثاً شديداً .
ذكر مسير أبي العباس بن الموفق وهو المعتضد بالله إلى حرب والزنج وانتزاعه عامة ما كان بيد سليمان ابن جامع والزنج من أعمال دجلة
كان مسيرة لذلك في سنة ست وستين ومائتين ، وسبب ذلك أن الزنج لما دخلوا واسط وفعلوا بها ما فعلوا - واتصل ذلك بالموفق - أمر ابنه أبا العباس بتعجيل المسير بين يديه ، إليهم ، فسار في شهر ربيع الآخر وشيعه أبوه ، وسير معه عشرة آلاف من الرجالة والخيالة في العدة الكاملة ، وأخذ معه الشذاوات والسميريات والمعابر للرجالة ، فسار حتى وافى دير العاقول ، وكان على مقدمته في الشذوات نصير المعروف بأبي حمزة ، فكتب نصير إليه يخبره أن سليمان بن جامع قد وافى خيله ورجله وشذاوات وسميريات - والجبائي على مقدمته ، حتى نزل الجزيرة فحصر بردوداً ، وأن سليمان بن موسى الشعراني قد وافى الصلح ، ووجه طلائعه ليعرف أخبارهم ، فعادوا وأعلموه موافاة الزنج وجيشهم ، وأن أولهم بالصلح وآخرهم ببستان موسى بن بغا أسفل واسط . قال : وكان سبب جمع الزنج وحشدهم أنهم قالوا : إن العباس فتى حدث غر بالحرب ، والرأي لنا أن نرميه بحدنا كله ، ونجهد في أول مرة نلقاه فلعل ذلك بروعة فينصرف عنا ، فجمعوا وحشدوا ، فلما علم أبو العباس قربهم عدل عن سنن الطريق واعترض في مسيره ، ولقي أصحابه أوائل الزنج فتطاردوا لهم حتى طمعوا فيهم وتبعوهم ، وجعلوا يقولون : اطلبوا أميراً للحرب فإن أميركم قد اشتغل بالصيد ، فلما

الصفحة 82