كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 84 """"""
ثم إن أبا العباس رأى أن يتوغل مازروان حتى يصير إلى الحجاجية ونهر الأمير ، ويعرف ما هناك ، فقدم نصيرا في أول السميريات وركب أبو العباس في سميرية ومعه محمد بن شعيب ، ودخل مازروان وهو يظن أن نصيرا أمامه ، فلم يقف له على خبر ، وكان قد سار على غير طريق أبي العباس ، وخرج من مع أبي العباس من الملاحين إلى غنم رأوها ليأخذوها ، فبقي هو ومحمد بن شعيب فأتاهما جمع من الزنج من جانبي النهر ، فقاتلهم أبو العباس بالنشاب ، ووافاه زيرك في باقي الشذاوات ، فسلم أبو العباس وعاد إلى عسكره ، ورجع نصير ، وجمع سليمان بن جامع أصحابه وتحصن بطهيثا ، وتحصن الشعراني وأصحابه بسوق الخميس ، وجعلوا يحملون الغلات إليها ، واجتمع بالصينية جمع كثير ، فوجه أبو العباس جماعة من قواده على الخيل إلى ناحية الصينية ، وأمرهم بالمسير في البر وإذا عرض لهم نهر عبروه ، وركب هو في الشذاوات والسميريات ، فلما أبصرت الزنج الخيل خافوا ولجأوا إلى الماء والسفن ، فلم يلبثوا أن وافتهم الشذاوات مع أبي العباس ، فلم يجدوا ملجأ فاستسلموا ، فقتل منهم فريق وأسر فريق ، وألقي فريق أنفسهم في الماء ، وأخذ أصحاب أبي العباس سفنهم وهي مملوءة أرزاً ، واخذ الصينية وأزاح الزنج عنها ، فانحازوا إلى طهيثا وسوق الخميس ، ورجع أبو العباس إلى عسكره وقد فتح الصينية . وبلغه أن جيش عظيماً للزنج مع ثابت بن أبي دلف ولؤلؤ ، فسار إليهم وأوقع بهم وقعة عظيمة وقت السحر ، فقتل منهم خلقاً كثيراً منهم لؤلؤ ، وأسر ثابتاً فمن عليه وجعله مع بعض قواده ، واستنقذ خلقاً كثيراً من النساء ، فأمر بردهن إلى أهلهن ، وأخذ كل ما كان الزنج جمعوه ، وأمر أصحابه أن يتجهزوا للمسير إلى سوق الخميس ، وأمر نصير بتعبئة أصحابه بالمسير ، فقال له : إن نهر سوق الخميس ضيق ، فأقم أنت ونسير نحن ، فأبى عليه ، فقال له محمد بن شعيب : إن كنت لابد فاعلاً فلا تكثر الشذوات ولا الرجال فإن النهر ضيق ، فسار نصير بين يديه إلى فم برمساور ، فوقف أبو العباس وتقدمه نصير في خمس عشرة شذاة ، في نهر يؤدي إلى مدينة الشعراني ، التي سماها المنيعة في سوق الخميس ، فلما غاب عنه نصير خرج جماعة كثيرة في البر على أبي العباس ، فمنعوه من الوصول إلى المدينة ، وقاتلوه قتالاً شديداً من أول النهار إلى الظهر ، وخفي عليه خبر نصير ، وجعل الزنج يقولون : قد قتلنا نصيراً ، فاغتنم أبو العباس ذلك وأمر محمداً يتعرف خبره ، فسار فرآه عند سكر الزنج ، وقد أحرقه

الصفحة 84