كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 85 """"""
وأضرم النار في مدينتهم ، وهو يقاتلهم قتالاً شديداً ، فعاد إلى أبي العباس فأخبره فسر بذلك ، وأسر نصير من الزنج جماعة كثيرة ، ورجع حتى وافى أبا العباس ، ووقف أبو العباس فقاتلهم فرجعوا عنه ، وكمن بعض شذاواته وأمر أن تظهر واحدة منها ، فطمعوا فيها وأدركوها فعلقوا بسكانها ، فخرجت عليهم السفن الكمائن وفيها أبو العباس ، فانهزم الزنج وغنم أبو العباس منهم ست سميريات ، وانهزموا لا يلوون على شيء من الخوف ، ورجع أبو العباس إلى عسكره سالماً ، وخلع على الملاحين وأحسن إليهم .
ذكر مسير الموفق لقتال الزنج وفتح المنيعة
قال : وفي سنة سبع وستين ومائتين أيضاً سار الموفق على بغداد إلى واسط لحرب الزنج ، وجمع وحشد الفرسان والرجالة واستكثر من العدة ، وسد الجهات التي يخاف منها لئلا يبقى له ما يشغل قلبه وكان صاحب الزنج قد أرسل إلى علي بن أبان المهلبي ، ويأمره أن يجتمع مع سليمان بن جامع على حرب أبي العباس بن الموفق ، فخاف الموفق وهنا يتطرق إلى ابنه أبي العباس ، فسار عن بغداد في صفر سنة سبع وستين فوصل إلى واسط في شهر ربيع الأول ، فلقيه ابنه فأخبره بحال جنده وقواده فخلع عليه وعليهم ، ورجع أبو العباس إلى معسكره بالعمر ، ثم نزل الموفق على نهر بسنداد بازاء قرية عبد الله ، وأمر ابنه فنزل شرقي دجلة بازاء فوهه بردودا ، وولاه مقدمته وأعطى الجيش أرزاقهم ، وأمر ابنه أن يسير بما معه من الآلات الحربية إلى فوهة برمساور ، فرحل في نخبة أصحابه ، ورحل الموفق بعده فنزل فوهة برمساور ، فأقام يومين ثم وصل إلى المدينة التي سماها صاحب الزنج - المنيعة - من سوق الخميس يوم الثلاثاء لثمان خلون من شهر ربيع الآخر سنة سبع وستين ، وسلك بالسفن في برمساور وسارت الخيل شرقية حتى حاذوا براطق ، الذي يوصل إلى المنيعة ، وأمر أن تعبر الخيل لتصير من الجانبين ، وأمر ابنه أبا العباس بالتقدم بالشذوات بعامة الجيش ، ففعل فلقيه الزنج فحاربوه حرباً شديداً ، ووفاهم أبو أحمد الموفق والخيل من جانبي النهر ، فلما رأوا ذلك انهزموا وتفرقوا ، وعلا أصحاب أبي العباس السور ووضعوا السيوف في من لقيهم ، ودخلوا المنيعة فقتلوا بها خلقاً كثيراً ، وأسروا عالما عظيماً ، وغنموا ما كان فيها ، وهرب الشعراني ومن معه وتبعه أصحاب الموفق إلى البطائح ، فغرق منهم خلق كثير ولجأ الباقون إلى الآجام ، ورجع الموفق

الصفحة 85