كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 86 """"""
إلى معسكره من يومه ، وقد استنقذ من المسلمات زهاء خمسة آلاف امرأة ، سوى من ظفر به من الزنجيات ، وأمر بحفظ النساء وحملهن إلى واسط ليدفعن إلى أهلهن ، ثم بكر إلى المدينة وأمر الناس بأخذ ما فيها فأخذ جميعه ، وأمر بهدم صورها وطم خندقها وإحراق ما بقي فيها من السفن ، وأخذوا من الطعام والشعير والأرز شيئاً كثيراً ، فأمر ببيع ذلك وصرفه إلى الجند . قال : ولما انهزم سليمان لحق بالمذار ، وكتب إلى صاحب الزنج بذلك ، فورد الكتاب عليه - وهو يتحدث - فانحل بطنه فقام إلى الخلاء دفعات ، وكتب إلى سليمان بن جامع يحذره مثل الذي نزل بالشعراني ويأمره بالتيقظ . قال : وأقام الموفق ببرمساور يومين يتعرف أخبار الشعراني وسليمان بن جامع فأتاه من أخبره أن سليمان بن جامع بالحوانيت ، فسار حتى وافى الصينية ، وأمر ابنه أبا العباس بالتقدم بالشذاوات والسميريات إلى الحوانيت ، فسار أبو العباس إليها فلم يبر سليمان بها ، ورأى هناك جمعاً من الزنج مع قائدين لهم ، خلفهم سليمان بن جامع هناك لحفظ غلات كثيرة لهم فيها ، فحاربهم أبو العباس إلى أن حجز بينهم الليل ، واستأمن إلى أبي العباس رجل ، فسأله عن سليمان بن جامع فأخبره أنه مقيم بطهيثا بمدينته التي سماها المنصورة ، فعاد أبو العباس إلى أبيه بالخبر فأمره بالمسير إليه فسار حتى نزل بردودا ، فأقام بها لإصلاح ما يحتاج إليه ، واستكثر من الآلات التي يسد بها الأنهار ويصلح بها الطرق للخيل ، وخلف ببردودا بغراج التركي .
ذكر استيلاء أبي أحمد الموفق على طهيثا
قال : ولما فرغ الموفق من الذي يحتاج إليه سار عن بردودا إلى طهيثا لعشر بقين من شهر ربيع الآخر سنة سبع وستين ومائتين ، أمسيرة على الظهر في خيله ، وحدرت السفن والآلات فنزل بقرية الجوزية وعقد جسراً ، ثم غدا فاعبر خيله عليه ثم عبر بعد ذلك ، فسار حتى نزل معسكراً على ميلين من طهيثا فأقام بها يومين ، ومطرت لسماء مطراً شديداً فشغل عن القتال ، ثم ركب لينظر موضعاً للحرب ، فانتهى إلى قريب من سرور مدينة سليمان بطهيثا - وهي التي سماها المنصورة - فتلقاه خلق كثير وخرج عليه كمناء من مواضع شتى ، واشتدت الحرب وترجل جماعة من الفرسان ، وقاتلوا حتى خرجوا عن المضيق الذي كانوا فيه ، وأسر من غلمان الموفق جماعة ، ورمي أبو العباس ابن الموفق أحمد بن مهدي الجبائي بسهم خالط دماغه فسقط ، وحمل إلى صاحب الزنج فلم يلبث أن مات بحضرته ، فصليت عليه وعظمت لديه

الصفحة 86