كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 88 """"""
طهيثا إليها وأمن الناس ، فأمره الموفق بالانحدار في الشذا والسميريات مع نصير ، ليتتبع المنهزمين ويوقع بهم وبمن ظفروا به من الزنج ، حتى ينتهي إلى المدينة صاحب الزنج بنهر أبي الخطيب ، فسارا وارتحل الموفق في مستهل جمادى الآخرة من واسط حتى أتى السوس ، وأمر مسروراً بالقدوم عليه ، وهو عامله هناك فأتاه ، وكان صاحب الزنج - لما بلغه ما عمل الموفق بسليمان بن جامع - خاف أن يأتيه ، وهو على حال تفرق أصحابه عنه ، فكتب إلى علي بن أبان بالقدوم عليه ، وكان بالأهواز في ثلاثين ألفاً ، فترك جميع ما كان عنده من طعام ودواب وأغنام وغير ذلك ، واستحلف عليه محمد بن يحيى الكرنبائي ، فلم يقم ولا تبع علياً ، وكتب صاحب الزنج أيضاً إلى بهبوذ بن عبد الوهاب ، وهو بالفندق والباسيان وما اتصل بهما ، يأمره بالقدوم عليه ، فترك ما كان عنده من الذخائر وسار نحوه ، فحوى ذلك جميعه الموفق وقوي به على حرب صاحب الزنج .
قال : ولما سار علي بن أبان عن الأهواز تخلف بها جمع من أصحابه زهاء ألف رجل ، فأرسلوا إلى الموفق يطلبون الأمان فأمنهم ، فقدموا عليه فأجرى عليهم الأرزاق ، ثم رحل عن السوس إلى جنديسابور وتستر وجبا الأموال ، ووجه إلى محمد بن عبيد الله الكردي - وكان خائفاً منه - فأمنه وعفا عنه وطلب منه الأموال والعساكر ، فحضر عنده أحسن إليه ، ثم رحل إلى عسكر مكرم ووافى الأهواز ، ثم رحل عنها إلى نهر المبارك من فرات البصرة ، وكتب إليه ابنه هارون أن يوافيه بجميع الجيش إلى نهر المبارك ، فلقيه هناك في منتصف شهر رجب ، وكان زيرك ونصير - لما خلفهما الموفق ليتتبعا الزنج - انحدرا حتى وافيا الأبلة ، فاستأمن إليهما رجل أخبرهما : أن صاحب الزنج قد أرسل إليهما عدداً كثيراً من الشذا والسميريات إلى دجلة ، ليمنع عنها من يريدها ، وأنهم يريدون عسكر نصير - وكان عسكره بنهر المرأة ، فرجع نصير من الأبلة إلى عسكره لما بلغه ذلك ، وسار زيرك من طريق آخر ، لأنه قدر أن الزنج تأتي عسكر نصير من ذلك الوجه ، فكان كذلك فلقيهم في طريقه فظفر بهم وانهزموا منه ، وكانوا قد جعلوا كميناً فدل زيرك عليه ، فتوغل حتى أتاه ، فقتل من الكمناء جماعة أسر جماعة ، وكان ممن ظفر به مقدم الزنج ، وهو أبو عيسى محمد بن

الصفحة 88