كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 92 """"""
منعهم وقاتلهم ، فانكشفوا بين يديه وتبعهم حتى أدخلهم نهر أبي الخصيب ، وانقطع عن أصحابه فعطفوا عليه فأخذوه ومن معه بعد حرب شديدة ، فقتلوا وسلمت الشذاوات التي مع أبي العباس ، وأصلحها ورتب فيها من يقاتل ، ثم أقبلت شذاوات صاحب الزنج على عادتها ، فخرج إليهم أبو العباس في أصحابه ، فقاتلهم فهزمهم وظفر منهم بعدة شذاوات ، فقتل منهم من ظفر به فيها ، فمنع صاحب الزنج أصحابه من الخروج عن فناء قصره ، وقطع أبو العباس الميرة عن الزنج فاشتد جزع الزنج ، وطلب جماعة من وجوه أصحاب صاحب الزنج الأمان فأمنوا ؛ وكان منهم محمد ابن الحارث العمي ، وكان إليه ضبط السور يلي عسكر الموفق ، فخرج ليلاً فأمنه الموفق ووصله بصلات كثيرة له ولمن خرج معه ، وحمله على عدة دواب بآلاتها وحليتها ، وأراد إخراج زوجته فلم يقدر ، وأخذها صاحب الزنج فباعها ؛ ومنهم أحمد البرذعي ، وكان من أشجع رجال صاحب الزنج ، فخلع عليه وعلى غيره ممن أتاه ووصلهم بصلات كثيرة . قال : ولما انقطعت الميرة وامواد عن صاحب الزنج أمر شبلاً وأبا النداء وهما رؤساء قواده - وكان يثق بهم - بالخروج إلى البطيحة في عشرة آلاف من ثلاثة وجوه للغارة وقطع الميرة عن الموفق ، فسير الموفق إليهم زيرك في جمع من أصحابه ، فلقيهم بنهر ابن عمر فرأى كثرتهم فراعه ذلك ، ثم استخار الله تعالى في قتالهم فحمل عليهم وقاتلهم ، فقذف الله تعالى الرعب في قلوبهم فانهزموا ، فوضع فيهم السيف وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وغرق منهم مثل ذلك وأسر خلقاً كثيراًن وأخذ من سفنهم ما أمكنه أخذه ، وغرق منها ما غرق ، وكان ما أخذه من سفنهم نحو أربعمائة سفينة ، وأقبل بالأسرى والرؤوس إلى المدينة الموفق .
ذكر عبور الموفق إلى مدينة صاحب الزنج وخروجه عنها وعودة إليها
قال : وفي ذي الحجة سنة سبع وستين أيضاً عبر الموفق مدينة صاحب الزنج لست بقين من الشهر ، وكان سبب ذلك جماعة من قواد صاحب الزنج ، لما رأوا ما حل بهم من البلاء ، من قتل من يظهر منهم ، وشدة الحصار على من لزم المدينة ، وحال من خرج بالأمان ، وجعلوا يهربون من كل وجه ويخرجون إلى الموفق ، فلما رأى ذلك صاحب الزنج جعل على الطريق التي يمكنكم الهرب منها من يحفظها ، فأرسل جماعة من القواد إلى الموفق يطلبون الأمان ، وأن يوجه لمحاربة صاحبهم جيشاً ليجدوا طريقاً إلى المصير إليه ، فأمر ابنه أبا العباس بالمصير إلى النهر الغربي

الصفحة 92