كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)
"""""" صفحة رقم 93 """"""
- وبه علي بن أبان - ففعل ، واشتدت الحرب فاستظهر أبو العباس على الزنج ، فأمدهم صاحبهم بسليمان بن جامع في جمع ، اتصلت الحرب من أول النهار إلى العصر ، وكان الظفر لأبي العباس وصار إليه القوم كانوا طلبوا الأمان منه ، واجتاز أبو العباس بمدينة صاحب الزنج عند نهر الأترك ، فرأى قلة الزنج هناك ، فطمع فيهم فقصدهم وقد انصرف أكثر أصحابه إلى الموفقية ، فدخل البلد بمن بقي معه ، وندب صاحب الزنج أصحابه لحربهم ، فلما رأى أبو العباس اجتماعهم وقلة أصحابه رجع ، وأرسل إلى أبيه الموفق يستمده فأتاه من خف من الغلمان وظهروا على الزنج وهزموهم ، وكان سليمان ابن جامع لما رأى ظهور أبي العباس سار في النهر مصعداً في جمع كثير فاتي أصحاب أبي العباس في خلفهم وهم يحاربون من بإزائهم ، وخفقت طبوله فانكشف أصحاب أبي العباس ، ورجع عليهم كان انهزم عنهم من الزنج ، فأصيب جماعة من غلمان الموفق ، وأخذ الزنج عدة أعلام وحامي أبو العباس عن أصحابه فسلم أكثرهم ثم انصرف وطمع الزنج بهذه الوقعة وشدت قلوبهم ، فأجمع الموفق على العبور إلى مدينتهم بجميع جيوشه ، وأمر الناس بالتأهب وجمع المعابر والسفن وفرقها عليهم ، ودخل يوم الأربعاء لست بقين من الشهر ، وفرق أصحابه على المدينة ليضطر صاحبها إلى تفرقة أصحابه ، وقصد الموفق إلى ركن من أركان المدينة وهو أحصن ما فيها ، وقد أنزله صاحب الزنج ابنه انكلاي وسليمان بن جامع وعلي بن أبان ، وعليه من المناجيق وآلات القتال ما لا يحد ، فلما التقى الجمعان أمر الموفق غلمانه بالدنو منه ، وبينهم وبين ذلك السور نهر الأتراك ، وهو نهر عريض كثير الماء فأحجموا عنه ، فصاح بهم الموفق وحرضهم على العبور ، فعبروا سباحة والزنج ترميهم بالمجانيق والمقاليع والحجارة والسهام ، فصبروا حتى جاوزوا النهر وانتهوا إلى السور ، ولم يكن معهم من الفعلة من كان أعد لهدم السور ، فتولى الغلمان تشعيث السور بما كان معهم من السلاح ، وسهل الله تعالى ذلك وكان معهم بعض السلاليم ، فصعدوا على ذلك إلى السور ، ونصبوا علماً من أعلام الموفق ، فانهزم الزنج عنه وسلموه بعد قتال شديد ، وقتل من الفريقين خلق كثير ، ولما علا أصحاب الموفق السور أحرقوا ما كان عليه من مجانيق وآلات وغير ذلك ، وكان أبو العباس قصد ناحية أخرى ، فمضى علي بن أبان لقتاله فهزمه أبو العباس وقتل جمعاً كثيراً من أصحابه ، ولحق أصحاب أبي العباس بالسور فثلموا فيه ثلمة ، ودخلوا فلقيهم سليمان ابن جامع فقاتلهم حتى ردهم إلى مواضعهم ، ثم إن الفعلة وافوا السور فهدموه في عدة مواضع ، وعملوا على الخندق جسر فعبر الناس عليه من ناحية الموفق ، فانهزم الزنج عن سور ثان كانوا قد اعتصموا به ، وجعل أصحاب الموفق يقتلونهم