كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 25)

"""""" صفحة رقم 99 """"""
وحده بغير أهل ولا مال ، فلما رأى ذلك من عزمه أرسل يطلب الأمان ، فأمنه الموفق وأحسن إليه ؛ وقيل كان سبب خروجه أنه كان كارهاً لصحبة صاحب الزنج ، مطلعاً على كفره وسوء باطنه ، ولم يمكنه التخلص منه إلى الآن ، ففارقه في عاشر شعبان .
فلما كان الغد بكر الموفق لمحاربة الزنج ، وأمر أبا العباس بقصد دار محمد الكرنبائي - وهي بإزاء دار صاحب الزنج - وأحرقها وما يليها من منازل قواد الزنج ، يشغلهم بذلك عن حماية دار صاحبهم وأمر المرتبين في الشذاوات المطلية بقصد دار صاحب الزنج وأحرقها ففعلوا ذلك ، وألصقوا شذاواتهم بسور قصره ، وحاربوهم أشد حرب فنضحهم الزنج بالنيران فلم تعمل شيئاً ، وأحرق من القصر الرواشين والأبنية الخارجة وعملت النار فيها ، وسلم الذين كانوا في الشذا مما كان الزنج يرسلونه عليهم ، وأمر الموفق الذين في الشذا بالرجوع فرجعوا ، فأخرج من كان فيها ورتب غيرهم ، وانتظر إقبال المد وعلوه فلما أقبل عادت الشذا إلى قصره ، وأحرقوا بيوتاً منه كانت تشرع على دجلة ، واضطرمت النار فيها وقويت واتصلت ، فأعجلت صاحب الزنج ومن كان معه عن التوقف على ما كان فيها من الأموال والذخائر وغير ذلك ، فخرج هارباً وتركه ، وعلا غلمان الموفق قصره مع أصحابهم فانتهبوا ما لم تأت النار عليه من الذهب والفضة والحلي وغير ذلك ، واستنفذوا جماعة من النساء اللواتي كان صاحب الزنج يأنس بهن من اللواتي كان استرقهن ، ودخلوا دوره ودور ابنه انكلاى فأحرقوها جميعاً ، وفرح الناس بذلك وتحاربوا ، هم وأصحاب صاحب الزنج على باب قصره ، فكثر القتل في أصحابه والجراح والأسر ، وفعل أبو العباس في دار الكرنبائي من النهب والهدم والإحراق مثل ذلك ، وقطع أبو العباس يومئذ سلسلة عظيمة كان صاحب الزنج قطع بها نهر أبي الخصيب ، لتمتنع الشذا من دخوله ، فحازها أبو العباس وأخذها معه ، وعاد الموفق بالناس مع المغرب مظفراً ، وأصيب صاحب الزنج في نفسه وماله ، وجرح ابنه انكلاى في بطنه جرحاً أشفى منه على الهلاك .
ذكر غرق نصير صاحب الشذا
قال : وفي يوم الأحد لعشر بقين من شعبان غرق أبو حمزة نصير وهو صاحب الشذاوات ، وكان سبب غرقه أن الموفق بك إلى القتال وأمر نصيراً بقصد قنطرة

الصفحة 99